للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنواعها وأحكامها وبيان وجوب (١) تعلّقها بالإله الحقّ دون ما سواه، وقد ذكرنا من ذلك ما يزيد على مائة وجه (٢).

ومما يوضح ذلك ويزيده تقريرًا أنَّ المخلوق ليس عنده للعبد نفع ولا ضرٌ ولا عطاءٌ ولا منع، بل ربُّه سبحانه الذي خلَقه، ورزقَه، وبصَّره، وهداه، وأسبغَ عليه نِعَمه، وتحبَّب إليه بها مع غناه عنه، ومع تبغُّض العبدِ إليه بالمعاصي مع فقره إليه. فإذا مسَّه اللَّه بِضُرٍّ فلا كاشف له إلا هو، وإذا أصابه بنعمةٍ فلا راد لها ولا مانع؛ كما قال تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (١٠٧)} [يونس/ ١٠٧]. {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢)} [فاطر/ ٢].

فالعبدُ لا ينفع ولا يضرّ ولا يعطي ولا يمنع إلا بإذن اللَّه، فالأمر كله للَّه أوَّلًا وآخرًا وظاهرًا وباطنًا، هو مقلِّب القلوب ومصرِّفها كيف يشاء،


= منه "كتابًا في الكلام على المحبة وأقسامها وأحكامها. . " وانظر كتاب "ابن قيم الجوزية حياته، آثاره، موارده" (٣٠٥، ٢٨٥).
(١) "وجوب" ساقط من "ط".
(٢) قد أحال المصنف على ثلاثة كتب له أفاض الكلام فيها في هذا الموضوع. أحدها: "التحفة المكية" (بدائع الفوائد: ٨٤٦)، والثاني: "قرة عيون المحبين وروضة قلوب العارفين"، (مدارج السالكين: ١/ ١٥٦)، ولعلَّه هو الذي أشار إليه بالكتاب الكبير فيما بعد (المدارج ٢/ ٥٩٨). والثالث: "المورد الصافي" هذا، وقد وصفه هنا بالكبير. فيبدو أن "قرة عيون المحبين" و"المورد الصافي" اسمان لكتاب واحد. أما كتاب "روضة المحبين" المطبوع فهو كتاب مستقلّ، ولم تذكر فيه الوجوه التي أشير إليها هنا.