للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المتفرِّد بالضرّ والنفع، والعطاء والمنع، والخفض والرفع {مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا} [هود/ ٥٦]، {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٥٤)} [الأعراف/ ٥٤].

وهذا الوجه أظهرُ (١) لعموم الناس من الوجه الأوَّل، ولهذا خوطبوا به في القرآن أكثر من الأوَّل. لكن من تدبَّر القرآن تبين له أنَّ اللَّه سبحانه يدعو عباده بهذا الوجه إلى الأوَّل (٢). فهذا الوجه يقتضي التوكلَ على اللَّه، والاستعانة به، والدعاء له، ومسألته دون ما سواه. ويقتضي أيضًا محبته وعبادته لإحسانه إلى عبده، وإسباغ نعمه عليه؛ فإذا عبده وأحبَّه وتوكَّل عليه من هذا الوجه دخل في الوجه الأوَّل.

وهذا كمن (٣) نزل به بلاءٌ عظيم وفاقة شديدة أوخوف مقلِق، فجعل يدعو اللَّه ويتضرع إليه، حتَّى فتح له من لذيذ مناجاته له وباب الإيمان به (٤) والإنابة إليه ما (٥) هو أحبُّ إليه من تلك الحاجة التي قصدها أوَّلًا، لكنَّه لم يكن يعرف ذلك أوَّلًا حتّى يطلبه ويشتاقَ إليه، فعرَّفه إيَّاه بما أقامه له من الأسباب التي أوصلته إليه.

والقرآن مملوءٌ من ذكر حاجة العباد (٦) إلى اللَّه دون ما سواه، ومن


(١) "ط": "أعظم"، ولعله غلط.
(٢) "ط": "بهذا إلى الوجه الأوَّل".
(٣) في الأصل: "هكذا كمن"، وهو سهو، وكذا في "ف". وفي "ك، ط": "هكذا من". والصوابُ ما أثبتنا من "ن" غير أنَّه قد سقط منها "نزل".
(٤) في مطبوعة إغاثة اللهفان (٨٤): "عظيم الإيمان به".
(٥) "ط": "مناجاته له باب الايمان. . . إليه وما هو".
(٦) "ك": "العبد". "ط": "العبيد".