للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهم لا يبالون بمضرتك إذا أدركوا منك حاجاتهم (١)، بل لو كان فيها هلاكُ دنياك وآخرتك لم يبالوا بذلك.

وهذا إذا تدبره العاقل علم أنَّه عداوة في صورة صداقة، وأنَّهُ لا أعدى للعاقل اللبيب من هذه العداوة. فهم يريدون أن يُصَيِّروك (٢) كالكِير، تنفخ بطنَك وتعصر أضالعَك (٣) في نفعهم ومصالحهم، بل لو أبيح لهم أكلُك لجزَرُوك كما يجزُرون الشاة! وكم يذبحونك كلَّ وقت بغير سكين لمصالحهم، وكم اتخذوك جسرًا ومعبرًا لهم إلى أوطارهم وأنت لا تشعر. وكم بعتَ آخرتك بدنياهم وأنت لا تعلم، وربما علمتَ! وكم بعتَ حظَّك من اللَّه بحظوظهم منك، ورُحْتَ صفر اليدين! وكم فوتوا عليك من مصالح الدَّارين، وقطعوك عنها، وحالوا بينك وبينها؛ وقطعوا عليك (٤) طريق سفرك إلى منازلك الأولى ودارك التي دُعِيتَ إليها، وقالوا: نحن أحبابك، وخدمك، وشيعتك، وأعوانك، والساعون في مصالحك؛ وكذبوا! واللَّه إنْ هم إلا أعداء (٥) في صورة أولياءَ، وحربٌ في صورة مسالمين، وقُطّاع طريق في صورة أعوان. فواغوثاه ثمَّ واغوثاه (٦) باللَّه الذي يغيث ولا يغاث!

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ


(١) "ط": "حاجتهم".
(٢) "ك": "يضروك"، تحريف.
(٣) كتبت الكلمة في الأصل بالظاء، وكذا في "ف". وفي "ك، ط": "أضلاعك"، وفي حاشية "ك" إشارة إلى ما في الأصل. وفيها أيضًا: "ينفخ. . . يعصر".
(٤) "عليك" ساقط من "ك، ط".
(٥) "ك، ط": "إنهم لأعداء".
(٦) "ثم واغوثاه" سقط من "ط" واستدرك في القطرية.