للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَاحْذَرُوهُمْ} [التغابن/ ١٤].

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (٩)} [المنافقون/ ٩].

فالسعيد الرابح من عامل اللَّه فيهم، ولم يعاملهم في اللَّه. وخاف اللَّه فيهم، ولم يخفهم في اللَّه؛ وأرضى اللَّه بسخطهم، ولم يُرضِهم بسخط اللَّه. وراقب اللَّه فيهم، ولم يراقبهم في اللَّه؛ وآثرَ اللَّه عليهم، ولم يؤثرهم على اللَّه. وأماتَ خوفهم ورجاءهم وحبهم من قلبه، وأحيا حب اللَّه وخوفَه ورجاءَه فيه. فهذا (١) هو الذي يكتَب عليهم، وتكون معاملته لهم كلُّها ربحًا، بشرط أن يصبر على أذاهم، ويتخذه مغنمًا لا مغرمًا، وربحًا لا خسرانًا.

وممَّا يوضح الأمر أن الخلقَ لا يقدر أحد منهم أن يدفع عنك مضرة البتة، إلا بإذن اللَّه ومشيئته وقضائه وقدره. فهو في الحقيقة الذي لا يأتي بالحسنات إلا هو ولا يذهب بالسيئات إلا هو: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ} [يونس/ ١٠٧].

قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لعبد اللَّه بن عباس: "واعلم أنَّ الخليقة لو اجتمعوا على أن ينفعوك لم ينفعوك إلا بشيءٍ كتبه اللَّه لك، ولو اجتمعوا على أن يضرّوك لم يضروك إلا بشيءٍ كتبه اللَّه عليك" (٢).


(١) "ن": "وهذا".
(٢) أخرجه أحمد (٢٦٦٩)، والترمذي (٢٥١٦). والحديث صححه الترمذي وابن رجب. وأشار العقيلي إلى لين أسانيده عن ابن عباس. انظر: الضعفاء للعقيلي (٣/ ٥٤)، وجامع العلوم والحكم (١/ ٤٦٢) (ز).