للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يُنال إلا بطاعته، وأنَّه ما استُجلِبتْ نِعَمُ اللَّه بغير طاعته، ولا استُديمتْ بغير شكره، ولا عُوِّقتْ وامتنعتْ بغير معصيته. وكذلك إذا أنعمَ عليك ثمَّ سلبك النعمة فإنه لم يسلبها لبخل منه ولا استئثار بها عليك، وإنَّما أنت السبب (١) في سلبها عنك، فإنَّ اللَّه لا يغيِّر ما بقومٍ حتَّى يغيروا ما بأنفسهم.

{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٥٣)} [الأنفال/ ٥٣].

فما أُزيلت نعمُ اللَّه بغير معصيته: (٢)

إذا كنتَ في نعمةٍ فارْعَهَا ... فإنَّ الذنوبَ تُزيلُ النِّعَمْ (٣)

فآفتُك من نفسك، وبلاؤك منك (٤)، وأنت في الحقيقة الذي بالغتَ في عداوتك، وبلغتَ من معاداة نفسك ما لا يبلغ العدوُّ منك، كما قيل:

ما يبلغُ الأعداءُ من جَاهلٍ ... ما يبلغُ الجاهلُ من نفسِهِ (٥)


(١) "ك": "المتسبب"، "ط": "المسبب".
(٢) زاد في "ك": "شعر".
(٣) من ثمانية أبيات ذكرها المؤلف في الداء والدواء (١١٩)، وهذا البيت وحده في بدائع الفوائد (٧١٢) وسيأتي مرة أخرى في كتابنا ص (٥٨٢). وفي "ك، ط": "فإنَّ المعاصي". وقد نقل ابن عساكر في تاريخ دمشق (٥٤/ ٧٠) بسنده أن عمر بن عبد العزيز كان يتمثل بهذا البيت وبيت آخر بعده:
ولا تحقرن صغير الذنوب ... فإن الإله شديد النقمْ
وانظر أيضًا: تاريخ دمشق (٥١/ ١٠٣).
(٤) "ك، ط": "من نفسك".
(٥) ذكره المصنف في الداء والدواء (١٥٩)، والمدارج (١/ ٢٦٤)، والمفتاح =