للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تناسبت (١) أقوالهم وأعمالهم وأخلاقهم في القبح والرداءة والدناءة لقدَحَ النَّاسُ في ملكه وقالوا: لا يصلُح للمُلك. فما الظن بمجاوري الملك الأعظم مالكِ الملوك في داره وتمتُّعِهم برؤية وجهه وسماع كلامه ومرافقتهم للملأ الأعلى الذين هم أطيبُ خلقه وأزكاهم وأشرفهم؟

أفَيليق بذلك الرفيق الأعلى والمحل الأسنى والدرجات العلى روحٌ سفليةٌ أرضيةٌ قد أخلدت إلى الأرضِ، وعكفت على ما تقتضيه طباعها (٢) مما يشاركها (٣) فيه بل قد يزيد عليها (٤) الحيوانُ البهيم، وقصرت همتها عليه، وأقبلت بكليتها عليه، لا ترى نعيمًا (٥) ولا لذَّة ولا سرورًا إلا ما وافق طباعها من مأكل (٦) ومشربٍ ومنكح من أين كان وكيف اتَّفق. فالفرق بينها وبين الحمير والكلاب والبقر بانتصاب القامة ونطق اللسان والأكل باليد، وإلا فالقلبُ والطبعُ على قلوب (٧) هذه الحيوانات


= المعجمة وفتح الراء وثاء بعدها مثلّثة، وقال: هذه رواية الأكثرين من شيوخنا، وفسّرها بمعنى أهل الفاقة والجوع. وقال في مشارق الأنوار (٢/ ١٣٠): "كذا في حديث عبد الرزاق عند كافة الرواة". وقد رويت الكلمة على وجهين آخرين: "عجزتهم" جمع عاجز، و"غِرّتهم" أي البله الغافلون. قال النووي: وهو الأشهر في نسخ بلادنا. انظر شرحه لصحيح مسلم (١٧/ ١٨٧ - ١٨٨).
(١) "ك، ط": "تتناسب".
(٢) "ك، ط": "طبائعها".
(٣) "ط": "تشارك فيه".
(٤) "ك، ط": "تزيد على الحيوان".
(٥) "ن": "مغنما"، تحريف.
(٦) "ط": "كل مأكل".
(٧) "ط": "على [شاكلة] قلوب" والزيادة التي بين الحاصرتين لا حاجة إليها. انظر ما سبق في ص (٢١٢): "وجعل القلوب على قلب واحد".