للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك النفس، ما (١) يحصل لها من شرٍّ فهو منها ومن طبيعتها ولوازم نقصها وعدمها، وما حصل لها من خيرٍ فهو من فضل اللَّه ورحمته. واللَّه خالقها وخالق كل شيء قام بها من قدرة وإرادة وعلم وعمل وغير ذلك.

فأمَّا (٢) الأمور العدمية فهي باقية على ما كانت عليه من العدم، والإنسان جاهل ظالم بالضرورة، كما قال تعالى: {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (٧٢)} [الأحزاب/ ٧٢]، فإنَّ اللَّه أخرجه من بطن أمه لا يعلم شيئًا. والظلم هو النقص، كما قال تعالى: {آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا} [الكهف/ ٣٣]، أي لم تنقص منه شيئًا (٣)، وهي ظالمة نفسها فهي الظالمة المظلومة، إذ كانت منقوصةً من كمالها بعدم بعض الكمالات أو أكثرها منها (٤). وتلك الكمالات التي عدمت كان وجودها سببًا لكمالات أخر، فصار عدمها مستلزمًا لعدم تلك الكمالات، فعَظُمَ النقص، واشتدَّ العيب بحسبه، وفقدت من لذَّاتها وسرورها ونعيمها (٥) وبهجتها وروحها بحسب ما فقدت من تلك الكمالات (٦) التي لا سعادة لها بدونها، فإنَّ أحد الموجودين قد يكون مشروطًا بالآخر فيستحيلُ وجوده بدونه، لأنَّ عدم الشرط يستلزمُ عدمَ المشروط. فإذا عدمت النفسُ هذا الكمالَ المستلزم لكمالٍ آخر مثلِه أو أعلى منه، وهي موصوفة بالنقص الَّذي هو


(١) "ك، ط": "فما".
(٢) "ك": "وأمَّا".
(٣) العبارة "والظلم هو النقص" إلى هنا ساقطة من "ط".
(٤) "ك، ط": "بها".
(٥) "ف": "ونعيمها وسرورها" خلافًا للأصل.
(٦) العبارة "فعظم النقص. . . " إلى هنا ساقطة من "ك، ط" لانتقال النظر، وقد استدركت فيما بعد في حاشية "ك".