للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ماءٍ مهينٍ (١). وقال الزجّاج: ضعف عزمه عن قهر الهوى (٢). والصواب أنّ ضعفه يعمُّ هذا كلّه، وضعفه أعظم من هذا وأكثر، فإنّه ضعيف البنية، ضعيف القوة، ضعيف الإرادة، ضعيف العلم، ضعيف الصبر. والآفات إليه مع هذا الضعف أسرعُ من السيل في الحَدور (٣). فبالاضطرار لا بدّ له من حافظ معين يقوّيه ويعينه وينصره ويساعده، فإن تخفى عنه هذا المسعِد (٤) المعين فالهلاكُ أقرب إليه من نفسه.

وخلقُه على هذه الصفة هو من الأمور التي يحمد عليها الربُّ جلَّ جلاله ويثنى عليه بها، وهو موجَب حكمته وعزَّته. فكل ما يحدث من هذه الخلقة وما (٥) يلزمُ عنها فهو بالنسبة إلى الخالق سبحانه خيرٌ وعدلٌ وحكمة، إذ مصدر هذه الخلقة عن صفات كماله من غناه وعلمه وعزته وحكمته ورحمته. وبالنسبة إلى العبدِ ينقسمُ (٦) إلى خير وشر وحسن


(١) معالم التنزيل (٢/ ١٩٩)، زاد المسير (٢/ ٦٠).
(٢) زاد المسير (٢/ ٦٠). وفي معاني الزجاج (٢/ ٤٤): "أي يستميله هواه".
(٣) الحَدور: الموضع المنحدر. وفي "ك، ط": "صيب الحدور" وهو تصحيف وغلط. وصواب الكلمة الأُولى: "صَبَب" وهو بمعنى الحدور. ولعلّ سبب الغلط أن في الأصل: "الصبب الحدور" وضرب على الكلمة الأُولى، ولكن خط الضرب لم يشملها كفها، فظن بعض الناسخين أن المضروب عليه لام التعريف فقط. وأنّ المقصود: "صبب الحدور"، ثم صحفت الموحدة بالمثناة. وسيأتي المثل مرة أخرى في ص (٦٤٤) وقد ذكره حمزة الأصفهاني في أمثاله (١٨٩) بلفظ ". . . إلى الحدور"
(٤) من أسعَدَ: أعانَ. وكتب فوقه في (ك): "صح". وفي الحاشية: "ظ المساعد". وفي "ط": "المساعد"، ولعلّه تغيير من الناشر.
(٥) "ما" ساقط من "ك، ط". وفي "ن": "أو يلزم".
(٦) "ك، ط": "تنقسم"، والمثبت من "ف".