للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتحقيق أنَّ له الحمد بالمعنيين جميعًا، فله عموم الحمد وكماله، وهذا من خصائصه سبحانه. فهو المحمود على كل حال، وعلى كلِّ شيء، أكملَ حمدٍ وأعظمه؛ كما أنَّ له الملك التامّ العامّ، فلا يملك كلَّ شيء إلا هو، وليس الملك التام الكامل إلا له. وأتباع الرسل صلوات اللَّه وسلامه عليهم يثبتون له كمال الملك وكمال الحمد، فإنَّهم يقولون: إنَّه خالق كلِّ شيء وربّه ومليكه، لا يخرج عن خلقه وقدرته ومشيئته شيء البتة، فله الملك كلُّه.

والقدرية المجوسية يُخرجون من ملكه (١) أفعالَ العباد، فيخرجون طاعات الأنبياء والمرسلين والملائكة والمؤمنين من ملكه، كما (٢) يخرجون سائر حركات الملائكة والجن والإنس عن ملكه. وأتباعُ الرسل يجعلون ذلك كلَّه داخلًا تحت (٣) ملكه وقدرته، ويثبتون له (٤) كمال الحمد أيضًا، وأنَّه المحمود على جميع ذلك، وعلى كلِّ ما خلقه ويخلقه، لما له فيه من الحِكَم والغايات المحمودة المقصودة بالفعل.

وأمَّا نفاةُ الحكمة والأسباب من مثبتي القدر، فهم في الحقيقة لا يثبتون له حمدًا، كما لا يثبتون له الحكمة؛ فإنَّ الحمد من لوازم الحكمة، والحكمة إنَّما تكون في حقِّ من يفعل شيئًا لشيء، فيريد بما يفعله الحكمة الناشئة من فعله. فأمَّا من لا يفعل شيئًا لشيء البتة،


(١) في "ف" هنا وفي السطر التالي: "عن ملكه"، خلافًا لأصلها.
(٢) العبارة "فيخرجون. . . " إلى هنا ساقطة من "ط"، ومستدركة في حاشية "ك"، بخط متأخر.
(٣) "ك، ط": "في ملكه".
(٤) "له" سقط من "ط"، وكتب في "ك" فوق السطر بخط مختلف.