للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القدير الذي لكمال قدرته يهدي من يشاء ويُضِلُّ من يشاء، ويجعل المؤمن مؤمنًا والكافر كافرًا، والبر برًّا والفاجر فاجرًا. وهو الذي جعل إبراهيم وآله أئمةً يدعون إليه ويهدون بأمره، وجعل فرعون وقومَه أئمةً يدعون إلى النَّارِ. ولكمال قدرته لا يحيط أحد بشيء من علمه إلا بما شاء سبحانه أن يُعلِّمه إيَّاه. ولكمال قدرته خلَقَ السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، وما مسَّه من لغوب. ولا يُعجِزه أحدٌ من خلقه، ولا يفوته، بل هو في قبضته أين كان، وإن (١) فرَّ منه فإنَّما يطوي المراحلَ في يديه، كما قيل:

وكيف يفِرُّ المرءُ عنك بذنبه ... إذا كان يطوي في يديك المراحلا؟ (٢)

ولكمال غناه استحال إضافةُ الولد والصاحبة والشريك والظهير (٣) والشفيع بدون إذنه إليه. ولكمال عظمته وعلوه (٤) وسِع كرسيُّه السمواتِ والأرضِ، ولم تسعه أرضُه ولا سماواته، ولم تُحِطْ به مخلوقاته، بل هو العالي على كلِّ شيء، الظاهر فوق كل شيء (٥)، وهو بكلِّ شيء محيط.


= وأحمد (٢٤١٩٥). والحديث صححه الحاكم ولم يتعقبه الذهبي. (ز)
(١) هذه قراءة "ف". وفي غيرها: "فإن".
(٢) البيت لأبي العرب مصعب بن عبد اللَّه بن أبي الفرات القرشي العبدري الصقلي المتوفى بميورقة سنة (٥٠٦ هـ). انظر فوات الوفيات (٤/ ١٤٥). وفيه: "فأين يفر. . . بجرمه".
(٣) "والظهير" ساقط من "ب، ك، ط".
(٤) "ك": "ولعلوه".
(٥) "الظاهر فوق كل شيء" من الأصل و"ف".