للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا تنفد (١) كلماته ولا تبيد، بل (٢) لو أنَّ البحر يمده من بعده سبعةُ أبحر مدادٌ، وأشجارُ الأرض أقلامٌ (٣)، فكتب بذلك المداد وتلك (٤) الأقلام، لَنَفِد المداد (٥)، وفنيت الأقلام؛ ولم تنفد كلماته، إذ هي غير مخلوقة، ويستحيل أن يفنى غيرُ المخلوق بالمخلوق. ولو كان كلامه مخلوقًا -كما قاله (٦) من لم يقدُره حقَّ قدره، ولا أثنى عليه بما هو أهلُه- لكان أحقَّ بالفناءِ (٧) من هذا المداد وهذه الأقلام، لأنَّه إذا كان مخلوقًا فهو نوعٌ من أنواع مخلوقاته، ولا يحتمل المخلوق إفناءَ هذا المداد وهذه الأقلام، وهو باقٍ غيرُ فانٍ.

وهو سبحانه يحب رسله وعباده المؤمنين، ويحبونه (٨)، بل لا شيء أحبّ إليهم منه، ولا أشوق إليهم من لقائه، ولا أقرَّ لعيونهم من رؤيته، ولا أحظى عندهم من قربه.

وإنَّه سبحانه له الحكمة البالغة في خلقه وأمره، وله النعمة السابغة على خلقه، وكلُّ نعمةٍ منه فضلٌ، وكلُّ نقمةٍ منه عدل.

وإنَّه أرحمُ بعباده من الوالدة بولدها، وأفرحُ (٩) بتوبة عبده من واجد


(١) "ك، ط": "ولا تنفد".
(٢) "ط": "ولا تبدل" مكان "ولا تبيد، بل"، تحريف.
(٣) "ب، ك، ط": "مدادًا. . . أقلامًا" خطأ. و"مداد" ساقط من "ن".
(٤) "ب، ك، ط": "بتلك".
(٥) "ب": "لفني المداد".
(٦) "ب": "قال".
(٧) "ب": "بهذا الفناء".
(٨) في الأصل: "ويحبونهم" سبق قلم.
(٩) كذا في "ف، ن". وفي غيرها: "وإنَّه أفرح"، والظاهر أنَّ "إنَّه" مع كلمة أخرى =