للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك، ويتعرَّضَ إلى الأسباب التي يناله بها، من صدق الرغبة، واللجأ إلى اللَّه أن يحيى قلبَه، ويزكيَه، ويجعل فيه الإيمان والحكمة. فالقلب المثت لا يذوق طعمَ الإيمان، ولا يجد حلاوته، ولا يتمتع بالحياة الطيبة لا في الدنيا ولا في الآخرة.

ومن أراد مطالعة أصولِ النِّعَم فَلْيُسم سرحَ الفكر (١) في رياض القرآن، ولْيتأمل ما عدَّد اللَّه فيه من نعَمِه، وتعرَّف بها إلى عباده من أوَّل القرآن إلى اخره، حتَّى خلقَ النَّارِ (٢)، وابتلاءَهم بإبليس وحزبِه، وتسليطَ أعدائهم عليهم، وامتحانَهم بالشهوات والإرادات والهوى، لِتعظُمَ النعمةُ عليهم بمخالفتها ومحاربة أعدائه (٣). فللَّه على أوليائه وعباده أتمُّ نعمة وأكملها في كل ما خلقه من محبوب ومكروه، ونعمة ومحنة، وفي كلِّ ما أحدثه في الأرض من وقائعه (٤) بأعدائه وإكرامه لأوليائه، وفي كل ما قضاه وقدَّره. وتفصيلُ ذلك لا تفي به أقلامُ الدنيا وأوراقُها، ولا قوى العباد، وإنَّما هو التنبيه والإشارة.

ومن استقرى الأسماء الحسنى وجدها مدائحَ وثناءً تقصر بلاغاتُ الواصفين عن بلوغ كنهها، وتعجز الأوهامُ عن الإحاطة بالواحد منها. ومع ذلك فللَّه سبحانه محامد ومدائح وأنواع من الثناءِ لم تتحرَّك بها


(١) "ط": "الذكر". تحريف.
(٢) "ب": "حين خلق النار". "ك، ط": "حين خلق أهل النار"، والصواب ما أثبتنا من الأصل و"ف". و"خلق النار" معطوف على "ما عدَّد"، فجعل خلق النار وما بعده من النعم التي دعا إلى تأملها.
(٣) "أعدائه" ساقط من "ك". "ط": "محاربته".
(٤) "ب": "إيقاع". "ك": "الأرض ووقائعه".