للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثمَّ تداركهم بروحِ الرجاءِ، فقدفه في قلوبهم، وأخبر أنَّه عند ظنونهم به. ولو أشهدهم عظيمَ الجناية (١)، وقبحَ المعصية، وغضبه ومقته على من عصاه فقط، لأورثهم ذلك المرضَ (٢) القاتل والداءَ العضال من الياس من رَوحه والقنوط من رحمته، وكان ذلك عين هلاكهم. ولكن رحمهم قبل البلاء، وفي حَشْو البلاء، وبعد البلاء (٣). وجعل تلك الآثار التي تُوجبها معصيتُه (٤) من المحن والبلاءِ والشدائد رحمةً لهم وسببًا إلى علوِّ درجاتهم ونيل الزلفى والكرامة عنده. فأشهدهم بالجناية (٥) عزَّةَ الربوبية وذلَّ العبيد (٦)، ورقَّاهم بآثارها إلى منازل قربه ونيل كرامته؛ فهم على كلِّ حال يربحون عليه، ويتقلبون في كرمه وإحسانه، فكلُّ (٧) قضاءٍ يقضيه للمؤمن فهو خير له، يسوقه به (٨) إلى كرامته وثوابه.

وكذلك عطاياه الدنيوية نعمٌ منه عليهم، فإذا استرجعها أيضًا منهم وسلبَهم إيَّاها انقلبت من عطايا الآخرة، كما قيل: إنَّ اللَّه يُنعِم على عباده بالعطايا الفاخرة، فإذا استرجعها كانت من (٩) عطايا الآخرة.


(١) "ك، ط": "عظم الجناية".
(٢) "ف": "بالمرض"، خلاف الأصل.
(٣) "وفي حشو البلاء وبعد البلاء" ساقط من "ط".
(٤) "ك، ط": "المعصية".
(٥) "بالجناية" ساقط من "ب".
(٦) "ط": "العبودية".
(٧) "ك، ط": "وكل".
(٨) "به" ساقط من "ب، ك، ط".
(٩) "من" ساقطة من "ك، ط".