للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حليمًا كريمًا، يغفر لهم السيئات، ويُقيلهم العثرات، ويودهم بعد التوبة ويحبهم.

فتضرعوا إليه حينئذ بالدعاءِ، وتوسلوا إليه بذلّ العبيد (١) وعزّ الربوبيّة. فتعرّف سبحانه إليهم بحسن إجابته وجميل عطفه وحسن امتنانه في أن ألهمهم دعاءَه، ويسّرهم للتوبة والإنابة، وأقبل بقلوبهم إليه بعد إعراضها عنه. ولم تمنعه معاصيهم وجناياتُهم من عطفه عليهم وبره لهم وإحسانه إليهم، فتابَ قبل أن يتوبوا إليه، وأعطاهم قبل أن يسألوه.

فلمَّا تابوا إليه واستغفروه وأنابوا إليه تعرَّف إليهم تعرُّفًا آخر: فعرَّفهم رحمتَه، وحسنَ عائدته، وسعةَ مغفرته، وكريمَ عفوه، وجميلَ صفحه، وبرَّه وامتنانَه وكرمَه، وسرعةَ مبادرته (٢) قبولَهم بعد أن كان منهم ما كان من طول الشرود (٣)، وشدَّة النفور، والإيضاع في طرق معاصيه (٤).

وأشهدَهم مع ذلك حمدَه العظيم، وبرَّه العميم، وكرمَه في أن خلَى بينهم وبين المعصية، فنالوها بنعمته واعانته، ثمَّ لم يُخل بينهم وبين ما توجبه من الهلاكِ والفسادِ الذي لا يرجى معه صلاح (٥)، بل تداركهم بالدواءَ الشافي (٦)، فاستخرج منهم داءَ لو استمرَّ معه لأفضى (٧) إلى الهلاك.


(١) "ك، ط": "العبودية".
(٢) "ط": "وشرعه، ومبادرته"، تحريف.
(٣) "ك، ط": "شرور"، تحريف.
(٤) "طرق" ساقط من "ب". والإيضاع: الإسراع.
(٥) "ب، ك، ط": "فلاح".
(٦) "ك": "النائي الشافي"، "ط": "الثاني الشافي".
(٧) "ك": "لأخرجهم".