للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا السُّموم، بل متى وسوس لهم العدو، أو اغتالهم (١) بشيءٍ من كيده، أو مسَّهم بشيء من طيفه {تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (٢٠١) وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ (٢٠٢)} [الأعراف/ ٢٠١ - ٢٠٢].

وإذا واقعوا معصيةً صغيرةً أو كبيرةً عاد (٢) ذلك عليهم رحمةً، وانقلب في حقهم دواءً، وبُدِّلَ حسنةً بالتوبة النصوح والحسنات الماحية؛ لأنَّه سبحانه عرَّفهم بنفسه وبفضله، وبأنَّ قلوبهم بيده وعصمتهم إليه، حيث نقض عزماتهم، وقد عزموا أن لا يعصوه، وأراهم عزَّتَه في قضائه، وبرَّه وإحسانه في عفوه ومغفرته، وأشهدهم نفوسهم وما فيها من النقص والظلم والجهل، وأشهدهم حاجَتهم إليه وافتقارَهم وذلَّهم، وأنَّه إن لم يعفُ عنهم ويغفر لهم فليس لهم سبيل إلى النجاة أبدًا.

فإنهم لمَّا أعطوه (٣) من أنفسهم العزمَ أن لا يعصوه، وعقدوا عليه قلوبَهم، ثمَّ عصوه بمشيئته وقدرته، عرفوا بذلك عظيمَ اقتداره، وجميلَ ستره إيَّاهم، وكريم حلمه عنهم، وسعة مغفرته لهم، وبردَ عفوه (٤) وحنانه وعطفه ورأفته، وأنه حليم ذو أناة لا يعجل، ورحيم سبقت رحمتُه غضبَه، وأنهم متى رجعوا بالتوبة إليه (٥) وجدوه غفورًا (٦) رحيمًا


(١) "ن، ك، ط": "واغتالهم".
(٢) "ن": "رد".
(٣) "ك، ط": "أعطوا".
(٤) "ب": "وبره وعفوه". "ك، ط": "لهم برد عفوه".
(٥) ما عدا الأصل و"ف": "إليه بالتوبة".
(٦) "ب": "عفوًّا".