للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تمام حمده تسبيحُه وتنزيهُه عمّا وصفه به أعداؤه والجاهلون به مما لا يليق به. وكان في تنوع تنزيهه عن ذلك من العلوم والمعارف وتقرير صفات الكمال وتكميل أنواع الحمد ما (١) في بيان محاسن الشيء وكماله عند معرفة ما يضادّه ويخالفه. ولهذا كان تسبيحُه تعالى من تمام حمده، وحمدُه من تمام تسبيحه؛ ولهذا كان التسبيح والتحميد قرينين (٢). فكان (٣) ما نسبه إليه أعداؤه والمعطّلون (٤) لصفات كماله -من علّوه على خلقه وإنزاله كلامه الذي تكلّم به على رسله وغير ذلك من صفات كلامه- موجبًا لتنزيه رسله له وتسبيحهم عن ذلك (٥) مما نزّه عنه نفسَه وسبّح به نفسَه. وكان في ذلك ظهورُ حمده لخلقه (٦)، وتنوّعُ أسبابه، وكثرةُ شواهده، وسعةُ طرق الثناءِ عليه به، وتقريرُ عظمته ومعرفته في قلوب عباده. فلولا معرفةُ الأسباب التي يسبّح وينزه ويتعالى عنها، وخَلْقُ مَن يضيفها إِليه ويصفه بها، لما قامت حقيقة التسبيح، ولا ظهر لقلوب أهل الإيمان عن أيّ شيء يسبّحونه وعمّا ذا ينزهونه. فلما رأوا في خلقه مَن قد نسبه إلى ما لا يليق به، وجحد من كماله ما هو أولى به، سبّحوه حينئذ تسبيحَ مُجِل له، مُعظِّمٍ له، منزِّهٍ له (٧) عن أمرٍ قد


(١) "ف": "وما"، وكذا في الأصل، ولكن لعل الواو مضروب عليها، ولم يظهر خط الضرب لانتشار الحبر.
(٢) "ط": "قربتين"، تصحيف.
(٣) "ب، ك، ط": "وكان".
(٤) (ب): "إليه المعطلون".
(٥) "من صفات. . " إلى هنا ساقط من "ب، ك، ط". وقد استدرك في حاشية "ك" بخط مختلف.
(٦) "ب، ط": "بخلقه"
(٧) "له" ساقط من "ط"، ومستدرك في القطرية.