للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقدرةً وإرادةً، ولم يعطها الآخرَ، لكان ظلمًا للذي منعه.

وقالوا: لو شاءَ من عباده أفعال المعاصي لكان سفهًا (١) ينزَّه عنه، كما في الشاهد (٢)؛ ولو شاءَ منهم الكفر والفسوق والعصيان ثمَّ عذبهم عليه لكان ظلمًا، كما (٣) في الشاهد أيضًا. فإنَّ السيد إذا أراد من عبده شيئًا، ففعل العبد ما أراد سيده، فإنَّه إذا عذبه عدَّه الناس ظالمًا له.

وجعلوا العدل في حقِّه من جنس العدل في حقِّ عباده، والظلم الذي تنزَّه (٤) عنه كالظلم الذي يتنزهون (٥) عنه. وجعلوا ما يحسن منه من جنس ما يحسن منهم، وما يقبح منه من جنس ما يقبح منهم. وقالوا: لو أرادَ الشرَّ لكان شرِّيرًا كما في الشاهد، فإنَّ مريدَ الشرِّ شرِّير (٦).

وقالوا: لو ختم على قلوب أعدائه وأسماعهم، وحال بينهم وبين قلوبهم، وأضلهم عن الإيمان، وجعل على أبصارهم غشاوةً، وجعل من بين أيديهم سدًّا ومن خلفهم سدًّا، ثمَّ عذَّبهم، لكان ذلك ظالمًا لهم؛ لأنَّ أحدنا لو فعل ذلك بعبده، ثمَّ عذَّبه، لكان ظالمًا له.

فهؤلاءِ هم (٧) المشبِّهة حقًّا في الأفعال، فعدلُهم تشبيه، وتوحيدُهم تعطيل، فجمعوا بين التشبيه والتعطيل.


(١) "سفهًا" ساقط من "ط"، ومستدرك في حاشية "ك" بخط مختلف.
(٢) تحرفت هذه الكلمة في "ط" هنا وفي المواضع الآتية كلها إلى "المشاهد".
(٣) سقط "كما" من "ك، ط".
(٤) "ب، ك": "ينزه".
(٥) "ك": "ينزهون".
(٦) في الأصل: "شريرًا"، سهو.
(٧) "هم" ساقط من "ب، ك، ط".