للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالجوابُ أنَّ اللَّه سبحانه لا يُمرِض ولا يُؤلم (١) إلا مَن يعلم من حاله أنَّه لو أطلعه على الأعواض التي تصل إليه لرضيَ بالألم، ولرغب فيه، لوفور الأعواض وعظمها، وليس كذلك في الشاهد استئجار الأجير من غير اختياره.

قالوا: وليس كذلك إيلام أحدنا لغيره لأجل التعويض، فإنَّ مَن قطَع يدَ غيرِه أو رجلَه ليعوضه عنها لم يحسن ذلك منه؛ لأنَّ العوض يصل إليه وهو مقطوع اليد والرجل، وليس من العقلاء من يختارُ مُلكَ الدنيا مع ذلك؛ واللَّه يوصل الأعواض في الآخرة إلى الأحياء، وهم أكملُ شيء خلقًا وأتمه أعضاءً، فلذلك افترق الشاهد والغائب في هذا.

قالوا: فإن فرضتموه في ضربٍ وجلدٍ مع سلامة الأعضاء قَبُح لأنَّه عبث (٢)، فإن فُرِضَ فيه مصلحة، ورضي المضروبُ بذلك، وعظمت الأعواض عنه، فهو حسن في العقل لا محالة. قالوا: وسرُّ الأمرِ أنَّ بالعوض يخرج الألم عن كونه ظلمًا لأنَّه نفع عظيم (٣) مُوفٍ (٤) على مضرَّة الألم؛ وباعتبار كونه لطفًا في الدين يخرج عن كونه عبثًا.

قالوا: وقد رأينا في الشاهد حسنَ الألم للنفع، فإنَّه يحسن في الشاهد إيلام أنفسنا وإتعابها في طلب العلوم والأرباح التي لا يُعبر (٥) إليها إلا على جسرٍ (٦) من التعب والمشقة.


(١) "ولا يؤلم" ساقط من "ب".
(٢) "ب، ك، ط": "عيب" تصحيف.
(٣) "عظيم" ساقطة من "ط".
(٤) "ب، ك، ط": "موقوف".
(٥) "ب": "نصير". "ك": "يصل". "ط": "نصل".
(٦) "ب": "حُسْن". "ك، ط": "جنس"، وكلاهما تحريف. وهي عبارة مألوفة في =