للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومَن سواهم (١) من الصم والبُكم الذين قال اللَّه فيهم: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (١٠)} [الملك/ ١٠]، وقال تعالى: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (١٩)} [الرعد/ ١٩].

وكان ما شهدوه من ذلك بالعقل والفطرة، لا بمجرد الخبر؛ بل جاءَ إخبارُ الربِّ تعالى وإخبار رسوله مطابقًا لما في فطرهم السليمة وعقولهم المستقيمة. فتظافرَ (٢) على إيمانهم به الشريعةُ المنزَّلة، والفطرة المكمَّلة، والعقل الصريح. فكانوا هم العقلاء حقًّا، وعقولهم هي المعيار، فمن خالفها فقد خالفَ صريحَ المعقول والقواطعَ العقلية.

ومن أراد معرفةَ صحّة (٣) هذا فليقرأْ كتاب شيخنا وهو "بيان موافقة العقل الصريح للنقل الصحيح (٤) "، فإنّه كتاب لم يطرق العالمَ له نظيرٌ في بابه، فإنّه هدم فيه قواعدَ أهل الباطل من أُسِّها، فخرّت عليهم سقوفه من فوقهم؛ وشيّد فيه قواعدَ أهل السنّة والحديث، وأحكمها، ورفع أعلامها، وقرّرها بمجامع الطرق التي تقرّر (٥) بها الحق من العقل والنقل والفطرة والاعتبار. فجاءَ كتابًا لا يستغني مَن نصح نفسَه من أهل العلم


= مستقيم"، وقد صحح الخطأ في الحاشية بخط مجوّد.
(١) "ط": "سواه". "ب": "ما سواه".
(٢) "ط": "فتضافر".
(٣) "ك، ط": "معرفة هذا". "ب": "أراد صحة هذا".
(٤) وهو الكتاب المطبوع بعنوان "درء تعارض العقل والنقل".
(٥) "ف": "يقرر"، والأصل غير منقوط.