للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إزالةً لحرمته من القلوب، ومنعًا للتعلق به والتمسك بحقيقته في باب الإيمان والمعرفة باللَّه وأسمائه وصفاته. فعبَّروا عن كلامهم بأنَّه "قواطع عقلية"، فيظن الجاهل بحقيقته أنَّه إذا خالفه فقد خالف صريحَ المعقول، وخرجَ عن حدِّ العقلاءِ، وخالفَ القاطع (١)! وعبَّروا عن كلام اللَّه ورسوله بأنَّه "ظواهر"، فلا جناح على من صرفه عن ظاهره، وكذَّب بحقيقته، واعتقدَ بطلان الحقيقة؛ بل هذا عندهم هو الواجب!

وقد أشهد اللَّه سبحانه عباده الذين أوتوا العلم والإيمان أنَّ الأمر بعكس ما قالوه، وأنَّ كلامه وكلام رسوله هو الشفاء والعصمة والنور الهادي والعلم المطابق لمعلومه (٢)، وأنَّه هو المشتمل على القواطع العقلية السمعية والبراهين اليقينية، وأنَّ كلامَ هؤلاء المتهوّكين الحيارى المتضمّن لخلافِ (٣) ما أخبر به عن نفسه وأخبر به عنه رسوله هو الشبهات الفاسدة والخيالات الباطلة، وأنَّه كالسراب الذي يحسَبه الظمآنُ ماءً حتَّى إذا جاءَه لم يجده شيئًا، ووجد اللَّه عنده فوفَّاهُ حسابَه واللَّه سريع الحساب (٤).

وهؤلاء هم أهلِ العلم حقًّا الذين شهد اللَّه سبحانه لهم به فقال تعالى: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٦)} [سبأ/ ٦] (٥).


(١) في حاشية "ب": "خ القواطع".
(٢) "ط": "لعلومه".
(٣) "ط": "خلاف".
(٤) ضمّن المؤلف هنا جزءا من الآية (٣٩) من سورة النور.
(٥) وقع سهو في نقل الآية في الأصل، فسقط "هو" ثم جاء "ويهدي إلى صراط =