للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آخرها بأنَّه لا سبيل إلى الخلاص عن المطالبات (١) التي أوردها على نفسه إلا بالتزام أنَّه تعالى موجِب بالذات، لا فاعل بالقصد والاختيار! فأقرَّ على نفسه بالعجز عن أجوبة تلك المطالبات إلا بإنكار قدرة اللَّه ومشيئته وفعله الاختياري، وذلك بجحد ربوبيته. ونحن نذكر كلامه بألفاظه. قال في مباحثه المشرقية:

"الفصل السَّادس في كيفية دخول الشر في القضاء الإلهي. وقبل الخوض فيه لا بدَّ من تقديم مقدمتين:

المقدمة الأولى: الأمور التي يُقال لها (٢) إنَّها شر إمَّا أن تكون أمورًا عدمية، أو أمورًا وجودية. فإن كانت أمورًا عدمية فهي على أقسام ثلاثة، لأنَّها إمَّا أن تكون عدمًا لأمور ضرورية للشيء في وجوده مثل عدم الحياة، وإمَّا أن تكون عدمًا لأمور نافعة قريبة من الضرورة كالعمى (٣)، وإمَّا أن (٤) لا تكون كذلك كعدم العلم بالفلسفة والهندسة. وأمَّا الأمور الوجودية التي يُقال إنَّها شرور فهي (٥) كالحرارة المفرّقة لاتصال العضو.

واعلم أنَّ الشرَّ بالذات هو عدم ضروريات الشيء وعدم منافعه مثل عدم الحياة وعدم البصر، فإن الموت والعمى لا حقيقة لهما إلا أنَّهما عدم الحياة وعدم البصر، وهما من حيث هما كذلك


(١) "ك": "عن التي". "ط": "من الشبه التي".
(٢) "لها" ساقط من "ك، ط".
(٣) "ك، ط": "كالأعمى"، تحريف.
(٤) "إمَّا" ساقط من "ك"، وفي "ط": "أوأن".
(٥) "ف": "يقال لها شرور وهي"، أخطأ في القراءة.