للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما عوَّدها من بره ولطفه. وإن ركبتْ غيَّها (١)، واستمرَّ إعراضها، ولم تحِنَّ إلى معهدها (٢) الأوَّل ومألفها، ولم تحسّ بضرورتها وفاقتها الشديدة إلى مراجعة قربها من ربها = علم أنَّها لا تصلح للَّه. وقد جاءَ هذا بعينه في أثر إلهي لا أحفظه.

السادس والعشرون: أنَّ الحكمة الإلهية اقتضت تركيبَ الشهوة والغضب في الإنسان، وفي ذلك حِكَمٌ (٣) عظيمة لصانعه تبارك وتعالى. ولا ريبَ أنَّهما داعيان إلى أثريهما وموجَبيهما (٤)، فلا بُدَّ من ترتب أثر داعي (٥) الشهوة والغضب في الإنسان (٦)، أو بعضها، ولو لم تُخلق (٧) فيه هذه الدواعي لم يكن إنسانًا بل ملكًا. فالذنبُ من موجَبات البشرية، كما أنَّ النسيان من موجَباتها، كما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كلُّ بَني آدمَ خطَّاءٌ وخيرُ الخطَّائين التوابون" (٨)، ولا يتم الابتلاء والاختبار إلا بذلك (٩).

السابع والعشرون: أن يُنسيه رؤيةَ طاعته، ويشغله برؤية ذنبه، فلا


(١) "ك، ط": "ركنت عنها"، تصحيف.
(٢) "ط": "عهدها".
(٣) "ك": "حكمة".
(٤) "ب، ك": "أثرها وموجبها".
(٥) في حاشية "ك": "دواعي"، ولعله تصحيح من قارئ لما سيأتي من قول المصنف: "أو بعضها"، و"هذه الدواعي".
(٦) "وفي ذلك حكم عظيمة. . ." إلى هنا ساقط من "ط".
(٧) "ك، ط": "يخلق".
(٨) أخرجه أحمد (١٣٠٤٩)، وابن ماجه (٤٢٥١)، والترمذي (٢٤٩٩) من حديث أنس. قال الترمذي: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلَّا من حديث علي بن مسعدة، عن قتادة". (ز).
(٩) زاد في "ك، ط": "واللَّه أعلم".