للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يزال نصب عينيه. فإنَّ اللَّه إذا أراد بعبدٍ خيرًا سلب رؤيةَ أعماله الحسنة من قلبه، والإخبارَ بها من لسانه، وشغله برؤية ذنبه، فلا يزالُ نصب عينيه حتَّى يدخله (١) الجنَّة. فإنَّ ما يُقبل (٢) من الأعمال رُفِع من القلبِ رؤيتُه، ومن اللسان ذكرُه.

وقال بعض السلف: إنَّ العبدَ ليعمل الخطيئة فيدخل بها الجنَّة، ويعمل الحسنة فيدخل بها النار، قالوا: كيف؟ قال (٣): يعمل الخطيئة، فلا تزالُ نصب عينيه: إذا ذكرها ندم، واستقال، وتضرَّع إلى اللَّهِ، وبادرَ إلى محوها، وانكسر، وذلَّ لربِّه، وزال عنه عُجبه وكِبْره. ويعملُ الحسنة فلا تزال نصب عينيه: يراها، ويمنّ بها، ويعتدُّ بها، ويتكبر بها (٤)، حتَّى تدخله (٥) النار (٦).

الثامن والعشرون: أنَّ شهودَ ذنبه وخطيئته يُوجِب له أن لا يرى له على أحد فضلًا، ولا له على أحدٍ حقًّا؟ فإنَّه يشهد عيبَ نفسه وخطأها وذنوبها فلا يظن (٧) أنَّه خير من مسلم يؤمن باللَّه واليوم الآخر. وإذا شهد ذلك من نفسه لم ير لها على النَّاس حقوقًا من الإكرام يتقاضاهم إيَّاها، ويذمهم على ترك القيام بها، فإنَّها عنده. أخسّ قدرًا وأقل قيمةً من أن


(١) "ب، ك، ط": "يدخل".
(٢) "ك، ط": "تقبل".
(٣) "ب": "فقال".
(٤) "ب": "يغتر بها ويتكثر بها".
(٥) "ك، ط": "يدخل".
(٦) أخرجه ابن المبارك في الزهد (١٦٢) مرفوعًا من طريق المبارك بن فضالة عن الحسن مرسلًا. وأخرجه فيه (١٦٤) من كلام الحسن (ز).
(٧) "ط": "إذا شهد عيب نفسه بفاحشة. . . لا يظن"!