للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكون لها على عباد اللَّه حقوقٌ يجب مراعاتها، أو لها عليهم فضلٌ يستحق أن يكرموه (١) لأجله. فيرى أنَّ من سلَّم عليه أو لقيه (٢) بوجه منبسط قد أحسن إليه، وبذل له ما لا يستحقه، فاستراح في نفسه، واستراح الناس من تعتّبه (٣) وشكايته. فما أطيبَ عيشَه! وما أنعمَ بالَه! وما أقرَّ عينه!

وأين هذا ممَّن لا يزال عاتبًا على الخلق، شاكيًا ترك قيامهم بحقِّه، ساخطًا عليهم، وهم عليه أسخط؟ فسبحان ذي الحكمة الباهرة التي بهرت عقولَ العالمين (٤).

التاسع والعشرون: أنَّه يُوجِب له الإمساكَ عن عيوب الناس والفكرِ فيها، فإنَّه في شغلٍ بعيبه ونفسه. و"طوبى لمن شغله عيبُه عن عيوب النَّاس" (٥)، وويلٌ لمن نسيَ عيبَه وتفرَّغ لعيوب النَّاس! فالأوَّل علامة السعادة، والثاني علامة الشقاوة (٦).

الثلاثون: أنَّه يُوجِب له الإحسان إلى الناس، والاستغفار لإخوانه المؤمنين الخطائين (٧) فيصيرُ هِجِّيراه: "ربِّ اغفر لي ولوالديّ وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات". فإنَّه يشهد أن إخوته


(١) "ك، ط": "يلزموه"، تحريف.
(٢) "ب": "ولقيه".
(٣) "ط": "عتبه".
(٤) "عقول" ساقط من "ب". وانظر: المفتاح (٢/ ٢٩٦).
(٥) قطعة من خطبة للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أخرجها البزار وابن عدي في الكامل (١/ ٣٨٤)، والبيهقي في الشعب (١٠٠٨٩) كلهم عن أنس مرفوعًا، وفيه النصر بن محرز وغيره من الضعفاء. قاله الهيثمي في مجمع الزوائد (١٠/ ٢٢٩). (ز).
(٦) وانظر المفتاح (٢/ ٢٩٧).
(٧) "ك، ب، ط": "الخاطئين من المؤمنين".