للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آخر الصفات المذمومة في النفس.

وأنابَ الجسدُ بالأعمالِ (١) والقيام بها فرضِها (٢) وسننها على أكمل الوجوه. وأنابت كل جارحة وعضو إنابتها الخاصَّة (٣).

فلم يبقَ من هذا العبد المنيب عرقٌ ولا مفصلٌ إلا وله إنابة ورجوع إلى الحبيب الحق الذي كلُّ محبَّةٍ سوى محبته عذاب على صاحبها، وإن كانت عَذْبَةً (٤) في مبادئها، فإنَّها عذاب في عواقبها. فإنابةُ العبد -ولو ساعةً من عمره- هذه الإنابة الخالصة أنفعُ له، وأعظمُ ثمرةً من إنابة سنين كثيرة من غيره. فأين إنابة هذا من إنابة من قبله؟ وذلك فضل اللَّه يؤتيه من يشاء. بل هذا (٥) روحه منيبة أبدًا، وإن توارى عنه شهودُ إنابتها باشتغالٍ، فهي كامنة فيها كمونَ النَّارِ في الزِّناد (٦).

وأمَّا أصحابُ الإنابات المتقدمة، فإن أناب أحدهم ساعةً بالدعاءِ والذكر والابتهال، فلنفسه وروحه وقلبه (٧) وعقله التفاتٌ عمَّن قد أنابَ إليه. فهو ينيب ببعضه ساعةً، ثمَّ يتركُ ذلك مقبلًا على دواعي نفسه وطبعه.

واللَّه الموفق المعين، لا ربَّ غيره، ولا إله سواه.


(١) "ك، ط": "في الأعمال".
(٢) "ب": "فروضها".
(٣) "ب": "الخاصة بها". وقد سقط من "ك": "فروضها وسننها. . ." إلى "الخاصة".
(٤) "ب": "عِذابًا".
(٥) "ط": "هذه"، خطأ.
(٦) "ف": "الرماد"، تحريف.
(٧) "وقلبه" ساقط من "ف".