للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: وأيضًا فصفوة اللَّه (١) هم أحباؤه، واللَّه لا يحب الظالمين، فلا يكونون (٢) مصطفين.

قالوا: ولأنَّ الظالم لنفسه، وإن كان ممن أُورث الكتاب، فهو بتركه العمل (٣) بما فيه قد ظلم نفسَه، واللَّه سبحانه إنِّما اصطفى من عباده من أورثه كتابَه ليعمل بما فيه. فأمَّا من نبذه وراءَ ظهره فليس من المصطفين من عباده.

قالوا: ولأنَّ الاصطفاء افتعال من صفوة الشيء، وهو خلاصته ولبّه، وأصله اصتفى، فأبُدلت التاءُ طاءً لوقوعها بعد الصاد كالاصطباح والاصطلام ونحوه. والظالم لنفسه ليس صفوة العباد ولا خلاصتهم ولا لبّهم، فلا يكون مصطفى.

قالوا: ولأنَّ اللَّه سبحانه سلَّم على المصطفين من عباده فقال: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} [النمل/ ٥٩]. وهذا يقتضي سلامتهم من كلِّ شرٍّ ومن (٤) كلِّ عذاب، والظالم لنفسه غير سالم من هذا ولا هذا، فكيف يكون من المصطفين؟

قالوا: وأيضًا فطريقة القرآن أنَّ الوعدَ المطلق بالثواب إنَّما يكون للمتقين لا للظالمين، كقوله تعالى: {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا (٦٣)} [مريم/ ٦٣] فأين الظالم لنفسه هنا؟ وقوله: {أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ


(١) "ط": "صفوة اللَّه".
(٢) "ك": "فلا يكونوا".
(٣) "ب": "للعمل".
(٤) "من" ساقطة من "ك، ط".