للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القسم، بل هو أغلب أقسام الأمة، فكيف يخلو القرآن عن ذكره وبيان حكمه؟ ثمّ لمّا استوفى أقسام الأُمة ذكر الخارجين عنهم، وهم الذين كفروا، فعمّت الآية أقسامَ الخلق كلِّهم. وعلى ما ذهبتم إليه تكون الآية قد أهملَتْ ذِكرَ القسمِ الأغلب الأكثر، وكرّرت ذكر حكم الكافر أوَّلًا وآخرًا. ولا ريبَ أنَّ ما ذكرناه أولى لبيان حكم (١) هذا القسم، وعموم الفائدة.

أيضًا فإنَّ قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} [فاطر/ ٣٢] صريح في أنَّ الذين أورثهم الكتاب هم المصطفون من عباده. وقوله: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} [فاطر/ ٣٢] إمَّا أن يرجع إلى الذين اصطفاهم، وإمَّا أن يرجع إلى العباد. ورجوعُه إلى "الذين اصطفينا" (٢) أولى (٣) لوجهين:

أحدهما: أنَّ قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ} (٤) [فاطر/ ٣٢] إنَّما يرجع إلى المصطفين لا إلى العباد، فكذلك قوله: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} [فاطر/ ٣٢]. ولا يقال: بل الضمائر كلّها تعود على العباد، لأنَّ سياق الآية والإتيان بالفاءِ والتقسيم المذكور كلَّه يدلّ على أنَّ المراد بيانُ أقسام الوارثين للكتاب لا بيان أقسام العباد، إذ لو أراد ذلك لأتى بلفظ يُزيل الوهمَ، ولا يلتبس به المراد بغيره، وكان وجهُ الكلام (٥) على


(١) "حكم" ساقط من "ط".
(٢) "ك": "اصطفيناهم". "اصطفاهم".
(٣) "أولى" ساقط من "ط".
(٤) "ف": "سابق بالخيرات"، خلاف الأصل.
(٥) "ك": "وجه الكلام عندهم".