للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شأنه، وبهاءَ كماله، وهو مستوٍ على عرشه يدبِّر أمر (١) عباده، وتصعد إليه شؤونُ العباد، وتُعْرَض عليه حوائجُهم وأعمالُهم، فيأمر فيها بما يشاءُ، فينزل الأمر من عنده نافذًا كما أمر. فيشاهد الملك الحقَّ قيّومًا بنفسه، مقيمًا لكل ما سواهِ، غنيًّا عن كلِّ من سواه (٢)، وكلُّ من سواه فقيرٌ إليه. {يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (٢٩)} [الرحمن/ ٢٩]: يغفر ذنبًا، ويفرِّج كربًا، ويفكّ عانيًا، وينصر ضعيفًا، ويجبُر كسيرًا، ويغني فقيرًا، ويميت ويحيي، ويُسعد ويشقي، ويُضِلّ ويهدي، ويُنعم على قوم، ويسلب نعمته عن آخرين، ويُعزّ أقوامًا ويذلُّ آخرين، ويرفع أقوامًا ويضع آخرين.

ويَشهده كما أخبر عنه أعلمُ الخلق به وأصدقهم في خبره، حيث يقول في الحديث الصحيح: "يمين اللَّه ملأى، لا يَغِيضُها نفقةٌ، سحَّاءُ الّليلَ والنهارَ، أرأيتم ما أنفق منذ خلقَ الخلقَ فإنَّه لم يَغِضْ ما في يمينه. وبيده الأخرى الميزانُ يخفِضُ ويرفَعُ" (٣). فيشاهده (٤) كذلك يقسم الأرزاق، ويجزل العطايا، ويمنّ بفضله على من يشاء من عباده بيمينه. وباليد الأخرى الميزان يخفض به من يشاءُ، ويرفع به من يشاء، عدلًا منه وحكمةً، لا إله إلا هو العزيز الحكيم.

فيَشهده وحده القيّوم بأمر السماوات والأرضِ ومن فيهنَّ، ليس له


(١) "ف": "يدنو من "، تحريف.
(٢) "ب": "ما سواه" هنا وفي الجملة التالية.
(٣) أخرجه البخاري في كتاب التفسير (٤٦٨٤) وغيره، ومسلم في كتاب الزكاة (٩٩٣) عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(٤) "ب": "ويشاهده".