للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بوَّاب فيستأْذَن، ولا حاجب فيُدخَل عليه به (١)، ولا وزير فيؤتى، ولا ظهير فيستعان به، ولا وليّ من دونه فيتشفّع (٢) به إليه، ولا نائب عنه فيعرِّفَه حوائجَ عباده، ولا معين له فيعاونه على قضائها. بل قد (٣) أحاط سبحانه بها علمًا، ووَسِعها قدرةً ورحمةً، فلا تزيده كثرةُ الحاجات إلا جودًا وكرمًا. فلا (٤) يشغله منها شأن عن شأن، ولا تغلّطه كثرةُ المسائل، ولا يتبرّم بإلحاح الملحّين.

لو اجتمع أوَّلُ خلقه وآخرُهم، وإنسُهم وجنّهم، وقاموا في صعيدٍ واحدٍ، ثمَّ سألوه، فأعطى كلًّا منهم مسألتَه، ما نقص ذلك ممَّا عنده ذرَّةً واحدةً إلا كما ينقص المِخْيَطُ البحرَ إذا غُمِسَ فيه. ولو أنَّ أوَّلهم وآخرهم وإنسهم وجنّهم كانوا على أتقى قلب رجلٍ واحدٍ منهم ما زاد ذلك في ملكه شيئًا (٥). ولو أنَّ أوَّلهم وآخرهم وإنسهم وجنّهم كانوا على أفجرِ قلبِ رجلٍ واحدٍ منهم ما نقصَ ذلك من ملكه شيئًا (٦). ذلك بأنَّه الغنيّ الجواد الماجد، فعطاؤه كلام، وعذابه كلام (٧). {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢)} [يس/ ٨٢].

ويَشهده كما أخبر عنه أيضًا الصادق المصدوق حيث يقول: "إنَّ اللَّه لا ينامُ، ولا ينبغي له أن ينامَ. يخفضُ القسطَ، ويرفعُه. يُرْفَعُ إليهِ عملُ


(١) "به" ساقط من "ك، ط".
(٢) "ب": "فيستشفع". "ف، ط": "فيشفع".
(٣) "بل قد" ساقط من "ك، ط". و"قد" ساقط من "ب".
(٤) "ط": "ولا يشغله".
(٥) بعد هذا إلى قوله: "من ملكه شيئًا" ساقط من "ك، ط".
(٦) يشير إلى حديث أبي ذر الذي أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة (٢٥٧٧).
(٧) "ط": "من كلام وعذابه من كلام". وصحح في القطرية.