للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منصور وغيرهما عن أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّهم إذا كان أحدُهم جنُبًا ثمَّ أراد أن يجلس في المسجد توضَّأ ثمَّ جلس فيه (١). وهذا مذهب الإمام أحمد وغيره، مع أنَّ المساجد لا تحلّ لجنب (٢). فدلَّ (٣) على أنَّ وضوءَه رفع حكمَ الجنابة المطلقة الكاملة التي تمنع الجسد (٤) من الجلوس في بيت اللَّه، وتمنع الروح من السجود بين يدي اللَّه.

فتأمَّلْ هذه المسألةَ وفقهَها (٥)، واعرف بها مقدار فقه الصحابة وعمق علومهم. فهل ترى أحدًا من المتأخّرين وصل إلى مبلغ هذا الفقه الذي خصَّ اللَّه به خيارَ عباده، وهم أصحاب نبيّه؟ وذلك فضل اللَّه، يؤتيه من يشاءُ، واللَّه ذو الفضل العظيم.

فإذا استيقظ هذا (٦) القلب من منامه صعد إلى اللَّه بهمّه وحبّه وأشواقه (٧) مشتاقًا إليه، طالبًا له، محبًّا له (٨)، عاكفًا عليه. فحاله كحال المحبّ الذي غاب عن محبوبه الذي لا غنى له عنه، ولا بدَّ له منه، وضرورتُه إليه أعظم من ضرورته إلى التنفّس (٩) والطعام والشراب. فإذا نامَ غاب عنه، فإذا استيقظ عاد إلى الحنين إليه، وإلى الشوق الشديد


(١) أخرجه سعيد بن منصور (٦٤٦) عن عطاء بن يسار (ز).
(٢) انظر مجموع الفتاوى (٢١/ ٣٤٤).
(٣) "فدلّ" ساقط من "ك، ط".
(٤) "ب، ك، ط": "الجنب"، تحريف.
(٥) "ب": "تفهمها"، تحريف.
(٦) "هذا" ساقط من "ب".
(٧) "ب": "شوقه".
(٨) "ط": "محتاجًا إليه" مكان "محبًّا له".
(٩) "ك، ط": "النفس".