للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَهُ مِنْ نُورٍ (٤٠)} [النور/ ٤٠]. وقد ذكرتُ معنى الحديث، والردّ على من حرَّفه وغلِط فيه في كتاب "التحفة المكّية" (١).

وبالجملة فيبقى قلب العبد الذي هذا شأنه عرشًا للمثل الأعلى، أي عرشًا (٢) لمعرفة محبوبه ومحبّته وعظمته وجلاله وكبريائه، وناهيك بقلب هذا شأنه! فيا له من قلب، من ربّه ما أدناه، ومن قربه ما أحظاه! فهو ينزّه قلبَه أن يساكنِ سواه، أو يطمئنّ بغيره. فهؤلاء قلوبهم قد قطعت الأكوان، وسجدت تحت العرشِ، وأبدانُهم في فُرُشهم؛ كما قال أبو الدرداءِ: "إذا نام العبد المؤمن عُرِجَ بروحه حتّى تسجدَ تحت العرشِ، فإن كان طاهرًا أذِن لها بالسجود (٣)، وإنْ كان جنُبًا لم يؤذَن لها (٤) " (٥).

وهذا -واللَّه أعلم- هو السرّ الذي لأجله أمر النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الجُنُبَ إذا أرادَ النوم أن يتوضّأ (٦)، وهو إمَّا واجب على أحد القولين، أو مؤكد الاستحباب (٧) على القول الآخر. فإنَّ الوضوء يخفّف حدثَ الجنابة، ويجعله طاهرًا من بعض الوجوه. ولهذا روى الإمام أحمد وسعيد بن


(١) انظر ما سبق من التعليق في ص (٤٢٥).
(٢) وقع في الأصل: "عرش" كذا في الموضعين. ولعله سهو. وكذا في "ف" وكذا في الموضع الثاني في "ب".
(٣) "ك، ط": "في السجود".
(٤) "ك، ط": "لها بالسجود".
(٥) أخرجه عبد اللَّه بن المبارك في الزهد (١٢٤٥) وسنده ضعيف. "ز".
(٦) نصّه عند البخاري (٢٨٧، ٢٨٩) ومسلم (٣٠٦) من حديث عمر بن الخطاب. رضي اللَّه عنه (ز).
(٧) "ف": "للاستحباب".