للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي هو أخو الموت، وأعاده إلى حاله سويًّا سليمًا محفوظًا مما لا يعلمه ولا يخطر بباله من المؤذيات والمهلكات التي هو غرض وهدف لسهامها، كلُّها تقصده بالهلاك أو الأذى، والتي (١) من بعضها أرواح (٢) شياطين الإنس والجنّ، فإنَّها تلتقي بروحه إذا نام، فتقصد إهلاكه وأذاه؛ فلولا أنَّ اللَّه سبحانه يدفع عنه لما سلم.

هذا، وكم يلقى (٣) الروح في تلك الغَيبة من أنواع الأذى والمخاوف والمكاره والتفزيعات ومحاربة الأعداء والتشويش والتخبيط بسبب ملابستها لتلك الأرواح. فمن الناس من يشعر بذلك لرقة روحه ولطافتها، ويجد آثار ذلك فيها إذا استيقظ من الوحشة والخوف والفزع والوجع الروحي الذي ربما غلب حتَّى سرى إلى البدن. ومن النَّاس من تكون روحه أغلظ وأكثف (٤) وأقسى من أن تشعر بذلك، فهي مثخَنةٌ بالجراح، مزمَنة بالأمراض، ولكن لموتها (٥) لا تحسّ بذلك.

هذا، وكم من مريدٍ لإهلاك جسمه من الهوامّ وغيرها قد حفظه منه، فهي في أجحارها محبوسة عنه، لو خُلِّيتْ وطبعَها لأهلكته. فمن ذا الذي كلأَه وحرَسه، وقد غاب عنه حسُّه وعلمُه وسمعُه وبصرُه؛ فلو جاءَه البلاءُ من أي مكان جاءَ لم يشعر به. ولهذا ذكَّر سبحانه عبادَه هذه النعمة، واعتدّها (٦) عليهم من جملة نعمه، فقال: {مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ


(١) كذا في الأصل و"ط" مع واو العطف، وفي "ف" وغيرها دونها.
(٢) "أرواح" ساقط من "ط".
(٣) "كم" ساقط من "ط". وفي "ب": " تلقى". وفي "ط": "تلتقي".
(٤) "ب": "أكثف وأغلظ".
(٥) "ط": "لنومها".
(٦) "ك": "أعدّها"، "ط": "عدِّها".