للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمورَ عباده بـ "لو كان كذا وكذا"، ولا بـ "عسى ولعلَّ"، ولا بـ "ليتَ"؛ بل ربُّهم تعالى أجل وأعظم في قلوبهم من أن يعترضوا عليه، أو يسخطوا (١) تدبيرَه، أو يتمنّوا سواه. وهم أعلم به وأعرف بأسمائه وصفاته من أن يتّهموه في تدبيره أو يظنّوا به الإخلالَ بمقتضى حكمته وعدله، بل هو ناظرٌ بعين قلبه إلى بارئ الأشياء وفاطرها ناظرًا (٢) إلى إتقان صنعه، مشاهدًا (٣) لحكمته فيه، وإن لم يخرج ذلك على مكاييل عقول البشر (٤) وعوائدهم ومألوفاتهم.

قال بعض السلف: "لو قُرِضَ جسمي بالمقاريض كان (٥) أحبَّ إليَّ من أن أقولَ لشيء قضاه اللَّهُ: ليتَه لم يقضِه" (٦).

وقال آخر: "أذنبتُ ذنبًا أبكي عليه منذ ثلاثين سنة" -وكان قد اجتهد في العبادة- فقيل (٧) له: وما هو؟ قال: "قلتُ مرَّةً لشيءٍ كان: ليته لم يكن" (٨).

وبعض العارفين يجعل عيب المخلوقات وتنقيصها بمنزلة العيب لصانعها وخالقها؛ لأنَّها صُنْعُه وأثرُ حكمته. وهو سبحانه أحسن كلَّ


(١) "ك، ط": "يتسخطوا".
(٢) "ف": "ناظر"، خلاف الأصل، وكذا في "ب، ك، ط".
(٣) "ب، ط": "مشاهد".
(٤) "عقول البشر" ساقط من "ب".
(٥) "كان" ساقط من "ط".
(٦) نقله المصنف في مدارج السالكين (٢/ ٢٥٩). وانظر ما سبق من أثر ابن مسعود رضي اللَّه عنه في ص (١٧٢).
(٧) "ك، ط": "قيل".
(٨) نقله في مدارج السالكين (٢/ ٢٥٨).