للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضعيف مسكين يتعاطى الربوبيّة، فقير مسكين (١) في مجموع حالاته يرى (٢) نفسه غنيًّا، جاهل ظالم ويرى نفسه عارفًا محسنًا، فما أجهله بنفسه وبربِّه! وما أتركه لحقِّه، وأشده إضاعهً (٣) لحظه!

ولو أُحْضِرَ رشدَه لرأى ناصيته ونواصي الخلائق بيد اللَّه يخفضها ويرفعها كيف شاء (٤)، وقلوبهم بيده سبحانه وفي قبضته يقلِّبها كيف يشاءُ، يُزيغ (٥) منها من يشاءُ ويقيم من يشاءُ (٦)، ولكان هذا غالبًا على شهود قلبه، فيغيب به عن مشيئاته وإراداته (٧) واختياره، ولعرف أنَّ التدبير والركون إلى حول العبد وقوته من الجهل بنفسه وبربّه؛ فينفي العلمُ باللَّه الجهلَ عن قلبه، فتمّحي منه الإرادات والمشيئات والتدبيرات، ويفوِّضها إلى مالك القلوب والنواصي، فيصير بذلك عبدًا لربّه تقلّبه يد القدرة، ويصير ابن وقته لا ينتظر وقتًا آخر يدبر نفسه فيه؛ لأنَّ ذلك الوقت بيد موقته، فيرى نفسه بمنزلة الميت في قبره ينتظر ما يُفعل به، مستسلمًا (٨) للَّه، منقطعَ المشيئة والاختيار.

هذا فيما (٩) يجري على أحدهم من فعل اللَّه وحكمه وقضائه الكوني.


(١) "ب": "ذليل".
(٢) "ط": "ويرى".
(٣) "ط": "وأشدّ إضاعته".
(٤) "ب، ك، ط": "يشاء".
(٥) "ف": "يرفع"، تحريف.
(٦) "ويقيم من يشاء" ساقط من "ف".
(٧) "ك، ط": "إرادته".
(٨) "ط": "مستسلم".
(٩) "ط": "ما".