للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعيب صنعته (١) ويذمّه، أكان ذلك يهون على صاحب الطعام؟ قالت عائشة (٢): "ما عابَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- طعامًا قطّ، إن اشتهى شيئًا أكله وإلا تركه".

والمقصود أنَّ من شأن القوم ترك الاهتمام بالتدبير والاختيار، بل همّهم كلّه في إقامة حقّه عليهم. وأمّا التدبير العام والخاصّ فقد سلَّموه لوليّ الأمر كلّه ومالكه الفعَّال لما يريد.

ولعلَّك تقول: ومن (٣) الذي ينازع اللَّهَ في تدبيره؟ فانظر إلى نفسك -في عجزها وضعفها وجهلها- كيف هي عُرْضةٌ (٤) للمنازعة، لكن (٥) منازعةَ جاهل عاجز ضعيف لو قدر لظهرت منه العجائب! فسبحان من أذلَّه بعجزه وضعفه وجهله، وأراه العبر في نفسه لو كان ذا بصر! كيف هو عاجز القدرة، جبان الإرادة (٦)، عبد مربوب مدين (٧) مملوك، ليس له من الأمرِ شيء، وهو مع ذلك ينازع اللَّهَ ربوبيّتَه وحكمتَه وتدبيرَه، لا يرضى بما رضي اللَّه به، ولا يسكن عند مجاري أقداره. بل هو عبد


(١) "ط": "صفته"، تحريف.
(٢) كذا في الأصل وغيره. والحديث معروف عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه كما ذكر المؤلف في الوابل الصيب (٣٣٩). أخرجه البخاري في كتاب الأطعمة (٣٥٦٣)، ومسلم في الأشربة (٢٠٦٤).
(٣) "ب، ك": "ومن ذا". "ط": "من ذا".
(٤) أي: تتعرَّض وتتصدَّى للمنازعة. وفي "ط": "عرضت" بالتاء المفتوحة، تحريف.
(٥) "لكن" ساقط من "ط".
(٦) في "ف" وغيرها: "جبَّار الإرادة"، ولعلَّ قراءتنا هي المناسبة للسياق.
(٧) من دانه: أخضعه وساسه، وحاسبه. وفي "ب، ك، ط": "مدبر"، تحريف.