للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدهما: ما يراد بالعبد (١) من المقدور الذي يجري عليه بغير اختياره، كالفقر والغنى، والصحّة والمرض، والحياة والموت، وغير ذلك. فهذا لا ريب أنَّ الكمال (٢) فناءُ العبد فيه عن إرادته، ووقوفُه مع ما يراد به، لا يكون له إرادةٌ تُزاحِمُ إرادةَ اللَّه منه (٣)؛ كحال الثلاثة الذين قال أحدهم: أنا أحبّ الموت للقاءِ اللَّه، وقال الآخر: أحبّ البقاء لطاعته وعبادته. فقال الثالث: غلطتما، ولكن أنا أحبّ من ذلك ما يحبّ: فإن كان يحبّ إماتتي أحببتُ الموت، وإن كان يحبّ حياتي أحببتُ الحياة، فأنا أحبّ ما يحبّه من الحياة والموت. فهذا أكمل منهما، وأصحّ حالًا. فهذا (٤) فيما يراد بالعبد.

والنوع الثاني: ما يراد من العبد من الأوامر والقربات. فهذا ليس الكمال إلا في إرادته، وإن فرَّقَتْه، فهو مجموع في تفرقته، متفرّق في جمعيّته. وهذا (٥) حال الكُمَّل (٦) من النَّاس: متفرّق الإرادة في الأمر، مجتمع على الأمر؛ فهو مجموع عليه، متفرق فيه. ولا يكون فعل المرادات المختلفة بإرادة واحدة بالعين. وإنَّما غايتها أن تكون هنا إرادتان: أحدهما (٧): إرادة واحدة للمراد المحبوب.


(١) "ب": "من العبد"، غلط.
(٢) "الكمال" ساقط من "ب".
(٣) "ب": "إرادة تزاحمه إرادة منه".
(٤) "فهذا" ساقط من "ك، ط".
(٥) "ب": "فهذا".
(٦) "ط": "الكملة".
(٧) كذا في الأصل و"ف، ك". والمقصود: نوعان: أحدهما. . . والثاني. وفي "ب، ط": "إحداهما".