للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثاني (١): إرادات متفرّقة لحقّه ومحابّه وما أمر به، فهي (٢) وإن تعدَّدت وتكثّرت فمرجعها إلى مراد واحد بإرادة واحدة (٣) كلية، وكلُّ فعل منها له إرادة جزئية تخصّه (٤).

الوجه العاشر: أنَّ قول أبي يزيد: "أريد أن لا أريد" تناقض بيِّن، فإنَّه قد أراد عدم الإرادة. فإذا قال: "أريد أن لا أُريد" يقال له: فقد أردت! وأحسن من هذا أن يكون الجواب: "أُريد ما تريد، لا ما لا تريد" (٥). وإذا


(١) "ب، ط": "الثانية".
(٢) في الأصل: "فهو"، سبق قلم، وكذا في "ف، ب". والمثبت من "ك، ط".
(٣) "واحدة" ساقط من "ك، ط".
(٤) "ك، ط": "محضة"، تحريف.
(٥) "ب، ك": "لا ما لا أريد"، وهو خلف من القول. وفي "ط": "أريد ما يريد لا ما أريد". وقد نقل المؤلف قول أبي يزيد في مدارج السالكين (٢/ ١٠٦) وعقَّب عليه بأنَّه "في التحقيق عين المحال الممتنع عقلًا وفطرةً وحسًّا وشرعًا. فإنَّ الإرادة من لوازم الحيّ". لكنَّه حمله من قبل في المدارج نفسه (١/ ٥٤٩) على محمل حسن. وفسَّره بصون الإرادة وقبضها عمَّا سوى اللَّه سبحانه. وقد جعل شيخ الإسلام ابن تيمية هذا القول "أريد أن لا أريد" ونحوه من الكلام المجمل، فإنَّما يمدح منه سقوط إرادته التي لم يؤمر بها. وإن أريد بطلان إرادته بالكلية فهو مخالف لضرورة الحسّ والعقل. مجموع الفتاوى (٣/ ١١٧). وقول الشيخ عبد القادر "وعلامة فناء إرادتك بفعل اللَّه أنَّك لا تريد مرادًا قط، فلا يكن لك غرض، ولا تقف لك حاجة ولا مرام لأنَّك لا تريد مع إرادة اللَّه سواها. . . " فسَّره شيخ الإسلام بأن لا تريد مرادًا لم تؤمر بإرادته. ثمَّ قال: "وهذا الموضع يلتبس على كثير من المسالكين، فيظنون أنَّ الطريقة الكاملة أن لا يكون للعبد إرادة أصلًا، وأنَّ قول أبي يزيد: "أريد أن لا أريد" -لمَّا قيل له: ماذا تريد؟ - نقص وتناقض، لأنَّه قد أراد! ويحملون كلام المشايخ الذين يمدحون بترك الإرادة على ترك الإرادة مطلقًا، وهذا غلط منهم على الشيوخ =