للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلم يكن يأمره إلا بخيرٍ أكملَ من حال عمر حيث كان الشيطان إذا رآه يفرّ (١) منه، وكان إذا سلكَ فجًّا سلك فجًّا (٢) غير فجِّه (٣).

وبهذا خرج الجواب عن السؤال المشهور وهو: كيف لا يقف الشيطان لعمر بل يفرّ منه، ومع هذا قد تفلَّت على النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وتعرَّض له وهو في الصلاة، وأراد أن يقطع عليه صلاته (٤)، ومعلومٌ أنَّ حال الرسول أكمل وأقوى؟ والجوابُ ما ذكرناه أنَّ شيطان عمر كان يفرّ (٥) منه، فلا يقدر أحدهما على قهر صاحبه. وأمَّا الشيطان الذي تعرَّض للنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقد أخذه وأسره وجعله في قبضته كالأسير. وأين مَن يهرب منه عدوُّه فلا يظفر به إلى مَن يظفر بعدوّه، فيجعله في أسره وتحت قبضته (٦)؟

فهذا ونحوه ممَّا احتجَّ به أرباب هذا القول.

وأحتجَّ أرباب القول الثاني -وهم الذين رجَّحوا من لا منازعة في


= من حديث ابن مسعود ثمَّ عائشة رضي اللَّه عنهما. (ز).
(١) "ف، ك": "نفَر"، تصحيف.
(٢) "فجًّا" ساقط من "ط".
(٣) كما في الصحيحين من حديث سعد بن أبي وقاص رضي اللَّه عنه. أخرجه البخاري في كتاب فضائل أصحاب النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (٦٣٨٣)، ومسلم في فضائل الصحابة (٢٣٩٦).
(٤) "ط": "الصلاة". والحديث في الصحيحين. أخرجه البخاري في كتاب الصلاة (٤٦١) ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة (٥٤١) عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(٥) "ف": "نفر"، تصحيف.
(٦) "ب": "تحت قهره وقبضته". "ك، ط": "تحت يده وقبضته".