للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعضِهم عَوارَ بعض، ومحاربةِ بعضهم بعضًا؛ فيتولَّى (١) بعضُهم محاربةَ بعض، ويسلَمُ ما جاءَ به الرسول. فإذا رأى المؤمنُ العالمُ الناصحُ للَّه ولرسوله أحدَهم قد تعدَّى إلى ما جاءَ به الرسول يناقضه ويعارضه ويضادّه (٢)، فليعلمْ أنَّهم لا طريق لهم إلى ذلك أبدًا، ولا يقع ردّهم إلا على آراء أمثالهم وأشباههم. وأمَّا ما جاءَ به الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فمحفوظ محروس مصون من تطرق المعارضة والمناقضة إليه. فإن وجدتَ شيئًا من ذلك في كلامهم فبَدارِ بَدارِ إلى إبداءِ فضائحهم، وكشف تلبيسهم ومحالهم وتناقضهم، وتبيينِ كذبهم على العقل والوحي، فإنَّهم لا يردّون شيئًا ممَّا جاءَ به الرسول إلا بزخرف من القول يغترّ به ضعيفُ العقل والإيمان، فاكشفه، ولا تهَبْه (٣)، تجده {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (٣٩)} [النور/ ٣٩].

ولولا أنَّ كلَّ مسائل القوم وشُبَههم التي خالفوا فيها النصوص بهذه المثابة لذكرنا من أمثلة ذلك ما تقرّ به عيون أهل الإيمان السائرين إلى اللَّه على طريق الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه. وإن وفَّق اللَّهُ سبحانه جرَّدنا لذلك كتابًا مفردًا (٤). وقد كفانا شيخ الإسلام ابن تيمية -قدَّس اللَّه روحه، ونوَّر ضريحه- (٥) هذا المقصد (٦) في عامّة كتبه، لا سيما كتابه الذي وسمه


(١) "ب": "فيُولي بعضَهم. . . ويسلّم".
(٢) "ويضاده" ساقط من "ط".
(٣) "ط": "لاتهن"، تحريف.
(٤) انظر نحو ذلك في الصواعق المرسلة (١٠٠٨).
(٥) لم ترد الجملتان الدعائيتان في "ك، ط".
(٦) "ف": "الفصل" تحريف.