للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصفات، إذ لا تحقُّق لها بدونها. وكذلك الإرادة مثلًا تستلزم العلمَ لذاتها، فلا يجوز نفي لازمها عنها. وكذلك السمع والبصر والعلم يستلزم الحياة فلا يجوز نفي لوازمها (١). وكذلك كونُ المرئيّ مرئيًّا حقيقةً له لوازم لا ينفكّ عنها، ولا سبيل إلى نفي تلك اللوازم إلا بنفي الرؤية. وكذلك الفعل الاختياري له لوازم لا بدّ فيه منها، فمن نفى لوازمه لزمه (٢) نفي الفعل (٣) ولا بدَّ.

ومن هنا كان أهل الكلام أكثر النَّاس تناقضًا واضطرابًا، فإنَّهم ينفون الشيء ويثبتون ملزومه، ويُثبتون الشيء وينفون لازمه. فتتناقض أقوالهم وأدلّتهم، ويقع السالك خلفهم في الحيرة والشكّ. ولهذا يكون نهاية أمر أكثرهم الشكّ والحيرة، حاشا من هو في خُفارة بلادته منهم، أو من قد خرق تلك الخيالات، وقطع تلك الشبهات، وحكَّم الفطرةَ والشرعةَ والعقلَ المؤيّد بنور الوحي عليها، فنقَدها نقدَ الصيارف، فنفى زغَلَها، وعلم أنَّ الصحيح منها إمَّا أن يكون قد تولَّت (٤) النصوص بيانَه، وإمَّا أن يكون فيها غُنْيةٌ عنه بما هو خير منه وأقرب طريقًا وأسهل تناولًا.

ولا يستفيد (٥) المؤمنُ البصيرُ بما جاءَ به الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، العارفُ (٦) به؛ من المتكلمين سوى مناقضة بعضِهم بعضًا ومعارضته، وإبداءِ


(١) "عنها وكذلك السمع. . . " إلى هنا ساقط من "ب".
(٢) "لزمه" ساقط من "ب، ك، ط".
(٣) "ط": "الفعل الاختياري".
(٤) "ف": "نزلت"، تحريف.
(٥) "ف": "تناولا يستفيد"، فاسقط "ولا" قبل الفعل.
(٦) "ف": "للعارف"، خطأ.