للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن هذا الفرق الكثيف (١) عندهم (٢) إلى أن يشهد الأفعال كلَّها طاعةً للَّه لا معصية فيها، وهو شهود الحكم والقدر، فيشهدها طاعةً لموافقتها الحكمَ والمشيئةَ. وهذا ناقص عندهم أيضًا إذ هو متضمن للفرق. ثمَّ يرتفع عندهم عن هذا الشهود إلى أن لا يشهد لا طاعةً ولا معصيةً، إذ الطاعة والمعصية إنَّما تكون من غيرٍ لغيرٍ، وما ثَمَّ غيرٌ. فإذا تحقَّق بشهود ذلك، وفني فيه، فقد فني عن وجود السوى. فهذا هو غاية التحقيق عندهم، ومن لم يصل إليه فهو محجوب (٣)! ومن أشعارهم في هذا قول قائلهم:

وما أنت غيرُ الكون، بل أنتَ عينُه ... ويَفهَم هذا السرَّ من هو ذائقُ (٤)

وقولُ الآخر:

ما الأمرُ إلا نسقٌ واحدٌ ... ما فيه مِن مَدحٍ ولا ذمِّ

وإنَّما العادةُ قد خصَّصَتْ ... والطبعُ والشارعُ بالحُكمِ (٥)

وقولُ الآخر:


(١) "ك، ط": "للكشف"، تحريف.
(٢) "عندهم" ساقط من "ب".
(٣) "ب": "محجوب عندهم".
(٤) البيت لابن إسرائيل، انظر: فوات الوفيات (٣/ ٣٨٣)، والفتاوى (٢/ ٨٠)، والجواب الصحيح (٤/ ٥٠٠). وفي الفتاوى (٢/ ٤٧٣): "ذائقُه".
(٥) ذكرهما المصنف في الروح (٥٧٥). وقد نسبه شيخ الإسلام في الفتاوى (٢/ ٩٩) إلى القاضي تلميذ صاحب الفصوص. وقد أنشده إياه ابن عمه. وفي جامع الرسائل (١/ ١٠٥): "وكان صاحبه القاضي يقول. . . ". وانظر: الفتاوى (٢/ ٨٢، ٤٧٣) و (١٦/ ٦١).