للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يبشّرهم (١)، ومرَّةً جعله شرطًا في حصول النصر والكفاية، ومرَّةً أخبر أنَّه مع أهله. وأثنى به على صفوته من العالمين، وهم أنبياؤه ورسله، فقال عن نبيّه أيوب: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (٤٤)} [ص/ ٤٤]، وقال تعالى لخاتم أنبيائه ورسله: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف/ ٣٥]. وقال تعالى: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ} [النحل/ ١٢٧]، وقال يوسف الصدّيق وقد قال له إخوته: {أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (٩٠)} [يوسف/ ٩٠].

وهذا يدلُّ على أنَّ الصبر من أجلّ مقامات الإيمان، وأنَّ أخصَّ النَّاس باللَّه وأولاهم به أشدُّهم قيامًا وتحقّقًا به، وأنَّ الخاصَّة أحوج إليه من العامّة.

الوجه الخامس: أنَّ الصبر سبب في حصول كلّ كمال ممكن (٢)، فأكملُ الخلقِ أصبرُهم، ولم يتخلف عن أحد كمالُه الممكن إلا من ضعف صبره. فإنَّ كمال العبد بالعزيمة والثبات، فمن لم تكن (٣) له عزيمة فهو ناقص، ومن كانت له عزيمة ولكن لا ثبات له عليها فهو ناقص. فإذا انضمَّ الثبات إلى العزيمة أثمرَ كلَّ مقامٍ شريفٍ وحالٍ كاملٍ، ولهذا في دعاء النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي رواه الإمام أحمد وابن حبَّان في صحيحه: "اللهمّ إنِّي أسألك الثباتَ في الأمر، والعزيمةَ على الرشد" (٤). ومعلوم


= المفهرس للأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي.
(١) "ط": "أن يبشر به أهله"!
(٢) "ممكن"ساقط من "ط".
(٣) "ب، ك، ط": "يكن".
(٤) أخرجه أحمد (١٧١١٤)، والترمذي (٣٤٠٧)، والنسائي (٣/ ٥٤)، وفي =