للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنَّ شجرة الثبات والعزيمة لا تقوم إلا على ساق الصبر، فلو علِم العبدُ الكنزَ الذي تحت هذه الأحرف الثلاثة -أعني اسم "الصبر"- لما تخلَّف عنه. قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما أعطي أحدٌ عطاءً خيرًا وأوسعَ من الصبر" (١). وقال عمر بن الخطّاب رضي اللَّه عنه: "خيرُ عيشٍ (٢) أدركناه بالصبر" (٣). وفي مثل هذا قال القائل:

نزِّهْ فؤادَكَ عن سوانا وَالْقَنا ... فجنابُنا حِلٌّ لِكلِّ منزِّهِ

والصبرُ طِلَّسْمٌ لكنزِ وصالنا ... مَن حَلَّ ذا الطِّلَّسْمَ فاز بكنزِه (٤)

فالصبر طلَّسم على كنز السعادة، مَن حلّه ظفِر بالكنز.


= الكبرى له (١٢٢٧)، وابن حبان (٩٣٥) من حديث شداد بن أوس. وفيه اختلاف كثير، وصوابه أنّه منقطع. وله إسناد آخر لا بأس به عند أبي نعيم في الحلية (١/ ٢٦٦ - ٢٦٧). (ز).
(١) أخرجه البخاري في الزكاة (١٤٦٩)، ومسلم في الزكاة (١٠٥٣) من حديث أبي سعيد الخدري رضي اللَّه عنه.
(٢) "خير عيش" تحرف في "ك، ط" إلى "حين غشي عليه"!
(٣) نقله المصنف بهذا اللفظ في زاد المعاد (٤/ ٣٣٣). ونقل في عدة الصابرين (١٥٥) أثرين عن عمر رضي اللَّه عنه: أحدهما بلفظ "وجدنا خير عيشنا بالصبر"، وهو الذي أخرجه البخاري تعليقًا في كتاب الرقاق، باب الصبر عن محارم اللَّه. والآخر: "أفضل عيش أدركناه بالصبر، ولو أن الصبر كان من الرجال كان كريمًا".
(٤) الطلّسم: السرّ المكتوم، وقد كثر استعماله في كلام الصوفية. وأصله لفظ يوناني لكل ما هو غامض مبهم كالألغاز. انظر: القول الأصيل (١٥٣) والمعجم الوسيط. والبيتان أنشدهما المؤلف في الفوائد (٣٠، ٧٨)، ومدارج السالكين (٣/ ٢٣٥). وانظرهما على وجه آخر ضمن تسعة أبيات في المدارج (١/ ٥٣٥)، وانظر البيت الثاني وحده في زاد المعاد (٤/ ٣٣٣).