للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} [الأحقاف/ ٢٠]. فالمؤمن لا يُذهِبُ طيّباته في الدنيا، بل لابدَّ أن يتركَ بعضَ طيّباته للآخرة. وأمَّا الكافر فلأنَّه (١) لا يؤمن بالآخرة، فهو حريص على تناول حظوظه كلها وطيّباته في الدنيا.

ومنها: علمه بأنَّ أعماله هي زاده ووسيلته إلى دار إقامته. فإن تزوّد من معصية اللَّه أوصله ذلك الزادُ إلى دار العصاة والجناة. وإن تزود من طاعته وصل إلى دار أهل طاعته وولايته.

ومنها: علمه بأنَّ عملَه هو وليُّه في قبره وأنيسُه فيه، وشفيعُه عند ربه، والمخاصم والمحاجّ عنه؛ فإن شاء جعله له، وإن شاءَ جعله عليه.

ومنها: علمه بأنَّ أعمال البرّ تنهض بالعبد، وتقوم به، وتصعد إلى اللَّه به؛ فبحسب قوَّة (٢) تعلّقه بها يكون صعوده مع صعودها. وأعمالُ الفجور تهوي به وتجذبه إلى الهاوية، وتجرّه إلى أسفل سافلين؛ وبحسب قوَّة (٣) تعلّقه بها يكون هبوطه معها ونزوله إلى حيث تستقرّ به (٤). قال تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر/ ١٠]. وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ} [الأعراف/ ٤٠]. فلمَّا لم تفتَحْ أبواب السماء لأعمالهم بل أُغلِقت عنها، لم تفتح لأرواحهم عند المفارقة بل أغلقت عنها. وأهل الإيمان والعمل الصالح لمَّا كانت أبوابُ السماءِ مفتوحةً لأعمالهم حتى


(١) "ب، ك، ط": "فإنه".
(٢) "قوة" ساقط من "ب".
(٣) "قوة" ساقط من "ب".
(٤) "ك، ط": "يستقر"، تصحيف.