للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصلت إلى اللَّه سبحانه، فُتِحَتْ لأرواحهم حتى وصلت إليه سبحانه، وقامت بين يديه، فرحمها، وأمر بكتابة اسمها في علّيّين.

ومنها: خروجه من حصن اللَّه الذي لا ضيعة على من دخله. فيخرج بمعصيته منه إلى حيث يصير نهبًا للّصوص وقُطَّاع الطريق. فما الظنّ بمن خرج من حصن حصين لا تدركه فيه آفة، إلى خِرْبةٍ موحشةٍ (١) مأوى اللصوص وقطاع الطريق، فهل يتركون معه شيئًا من متاعه؟

ومنها: أنَّه بالمعصية قد تعرَّض لِمَحْقِ بَرَكتِه في كلِّ شيءٍ من أمر دنياه وآخرته. فإنَّ الطاعة تجلب للعبد بركاتِ كل شيء، والمعصية تمحق عنه كل بركة (٢).

وبالجملة فآثار المعصية القبيحة أكثرُ من أن يحيط بها العبد علمًا، وآثارُ الطاعة الحسنة أكثرُ من أن يحيط بها علمًا. فخير الدنيا والآخرة بحذافيره في طاعة اللَّه، وشرّ الدنيا والآخرة بحذافيره في معصيته (٣). وفي بعض الآثار يقول اللَّه تعالى: "من ذا الذي أطاعني، فشقِيَ بطاعتي؟ ومن ذا الذي عصاني، فسعدَ بمعصيتي؟ " (٤)

السبب الثامن: قِصَر الأمل، وعلمُه بسرعة انتقاله، وأنَّه كمسافر دخلَ قريةَ وهو مُزمِعٌ على الخروج منها، أو كراكب قال في ظل شجرة ثمَّ سار وتركها، فهو لعلمه بقلَّة مقامه وسرعة انتقاله حريص على ترك ما


(١) زاد بعدها في "ط": "هي".
(٢) "في كلِّ شيءٍ من أمر. . . " إلى هنا ساقط من "ط".
(٣) "ب": "معصية اللَّه".
(٤) أخرجه الطبري في تفسيره (١٦٦٧٣) من حديث وهب بن منبه. (ز).