للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول: "اللّهمَّ أَلهِمْني رشدي، وقِني شرَّ نفسي" (١). وعامَّة أدعيته -صلى اللَّه عليه وسلم- متضمِّنة لطلب توفيق ربّه وتزكيته له واستعماله في محابِّه.

فمَن هُداه وصلاحُه وأسبابُ نجاته بيد غيره، وهو المالك له ولها، المتصرِّف فيه بما يشاء، ليس له (٢) من أمره شيء، مَن أحقّ بالخوف منه؛ وهَبْ أنَّه قد خلق له في الحال الهداية، فهل هو على يقينٍ وعلمٍ (٣) أنَّ اللَّه سبحانه يخلقها له في المستقبل ويُلهِمه رُشدَه أبدًا؟ فعلم أنَّ خوف المقرَّبين عند ربِّهم أعظمُ من خوف غيرهم، واللَّه المستعان.

ومن ههنا كان خوف السابقين من فوات الإيمان، كما قال بعض السلف: "أنتم تخافون الذنب، وأنا أخاف الكفر" (٤). وكان عمر ابن الخطاب رضي اللَّه عنه يقول لحذيفة: "نشدُتك اللَّهَ هل سمَّاني لك رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ " يعني في المنافقين، فيقول: "لا، ولا أزكِّي بعدك أحدًا" (٥) يعني: لا أفتح عليَّ هذا الباب في سؤال الناس لي، وليس مراده أنَّه لم يخلُصْ من النفاق غيرُك.

الوجه السادس: "وأمَّا الخواصّ فإنَّهم جعلوا الوعيد منه وعدًا، والعذابَ فيه عَذْبًا؛ لأنَّهم شاهدوا المبتليَ والمعذِّب، فاستعذبوا ما


(١) تقدّم تخريجه في ص (١٧٠).
(٢) "له" ساقط من "ط".
(٣) "ب": "علم من أن".
(٤) نقله المصنف في الداء والدواء (١١٧).
(٥) زاد هنا في "ط" بين القوسين: "رواه البخاري" وهو غير صحيح (ص). وفي مسند البزار (٢٨٨٥) نحوه، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٣/ ٤٢) وقال: "رواهُ البزار ورجاله ثقات". وقال ابن حجر: "إسناده صحيح". انظر: مختصر زوائد البزار (٥٩٠). (ز).