للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صلاح (١) العبد وسعادته إلا به، وإنَّه ليسيرٌ على من يسّره اللَّه عليه. فحقيق بالعبد أن يتسنّم (٢) إليه وإن صعب المرتقى، وأن يشمّر إليه وإن عظمت فيه المحنة (٣)، ويحتمل (٤) فيه خطرًا يسيرًا لملك عظيم وفوز كبير؛ فإنَّ ثمرة هذا في العاجل والآجل ليست تشبه ثمرة شيء من الأعمال، واليسير (٥) منه يُرقّي العبد ويسيِّره ما لا (٦) يرقى غيره إليه في المدد المتطاولة. وذلك فضل اللَّه يؤتيه من يشاء (٧).

ولا تتحقَّق المحبَّة إلا بهذا الإيثار. والذي يسهّله على العبد أمور: أحدها: أن تكون طبيعته ليّنة منقادة سلسة، ليست بجافية ولا قاسية، بل تنقاد معه بسهولة. الثاني: أن يكون إيمانه راسخًا ويقينه قويّا، فإنَّ هذا ثمرة الإيمان ونتيجته. الثالث: قوة صبره وثباته. فبهذه الأمور (٨) الثلاثة ينهض إلى هذا المقام، ويسهل عليه دركه.

والنقص والتخلّف في النفس عن هذا يكون من أمرين: أن تكون جامدةً غير سريعة الإدراك، بل بطيئة. فلا يكاد يرى (٩) حقيقة الشيء إلا بعد عسر، وإن رآها (١٠) اقترنت به الأوهام والشكوك والشبهات


(١) "ك، ط": "فلاح".
(٢) "ط": "يسمو".
(٣) "ب": "المحنة فيه".
(٤) "ك، ط": "يحمل"، تحريف.
(٥) "ك، ط": "ويسير".
(٦) "ب": "إلى ما".
(٧) زاد في "ف": "واللَّه ذو الفضل العظيم".
(٨) "ك، ط": "الثلاثة الأمور".
(٩) "ب، ك، ط": "ولا تكاد ترى".
(١٠) "ط": "رأتها".