للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو (١) بين إخوانه وعشيرته؛ يرى كلَّ أحد عنده، ولا يرى نفسَه عند أحد. فقوةُ تعلّق المحبّ بمحبوبه تُوجِب له أن لا يستقرّ قلبه دون الوصول إليه، وكلّما هدأت حركاته وقلّت شواغله اجتمعت عليه شؤون قلبه، وقوي (٢) سيره إلى محبوبه.

ومحك هذه (٣) الحال يظهر في مواطن أربعة:

أحدها: عند أخذ مضجعه وتفرغّ حواسه (٤) وجوارحه من الشواغل، واجتماع قلبه على ما يحبه. فإنَّه لا ينام إلا على ذكر من يحبّه وشغل قلبه به.

الموطن الثاني: عند انتباهه من النوم. فأول شيء يسبق إلى قلبه ذكر محبوبه. فإنَّه إذا استيقظ ورُدَّتْ إليه روحُه رُدَّ معها إليه ذكرُ محبوبه الذي كان قد غاب عنه في النوم، ولكن كان قد خالط روحه وقلبه، فلمَّا ردّت إليه الروح أسرَعَ من الطرف رُدَّ إليه ذكرُ محبوبه متصلًا بها، مصاحبًا لها، فورد عليه قبل كلّ وارد، وهجم عليه قبل كلّ طارق. فإذا وردَتْ عليه الشواغل والقواطع وردَتْ على محلّ ممتلئ بمحبّة ما يحبه، فوردت على ساحته من ظاهرها. فإذا قضى وطره منها قضاه بمصاحبته لما في قلبه من الحبّ، فإنه قد لزمه كملازمة الغريم (٥) لغريمه لذلك يسمَّى "غرامًا"، وهو الحبّ اللازم الذي لا يفارق فسمع بمحبوبه، وأبصر به،


(١) "وهو": ساقط من "ف".
(٢) "ب": "ويرى". "ك": "فله قوى". "ط": "بله قوى"، وكله تحريف.
(٣) "ك، ط": "هذا".
(٤) "ف": "حواشيه"، تحريف.
(٥) "ط": "ملازمة الغريم".