للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلها ناطقة بحبه لك. قال جعفر (١): قال الجنيد: دفع السريّ إليَّ رقعةً وقال: هذه خير لك من سبعمائة قصَّة وكذا وكذا. فهذا فيها:

ولمَّا ادعيتُ الحبَّ قالت كذبتَني ... فما لي أرى الأعضاءَ منكَ كواسيا

فما الحب حتَّى يلصَق القلبُ بالحشا ... وتذبُلَ حتَّى لا تجيبَ المناديا

وتنحَلَ حتى لا يُبقّي لك الهوى ... سوى مقلةٍ تبكي بها وتُناجيا (٢)

وبالجملة، فشاهد المحبة (٣) الذي لا يكذب هو شاهد الحال، وأمَّا شاهد المقال فصادق وكاذب.

قوله: "ولا يفهم حقيقتها من المحبّ سوى المحبوب، لموضع امتزاج (٤) الأسرار من القلوب" يعني أنَّ حقيقة المحبة وسرها لا يفهمه من المحبّ إلا محبوبه. وذلك لشدَّة الاتصال الذي بينه وبين محبوبه في الباطن، فروحه أقرب شيء إليه، وأمَّا (٥) الغير وإن علم أنه محبّ بظهور أثر المحبة عليه وقيام شاهدها لكن لا يدرك (٦) تلك اللطيفة والحقيقة


(١) جعفر بن محمد بن نصير الخُلدي، صحب الجنيد وعرف بصحبته، توفي سنة ٣٤٨ هـ. طبقات الصوفية (٤٣٤).
(٢) في "ط": "وتبخل حتى ليس" خطأ. والحكاية في القشيرية (٣٢٤)، ومصارع العشاق (١/ ١٠٩). وقد ضمن المؤلف الأبيات في قصيدة أوردها في مدارج السالكين (٢/ ٦١٠).
(٣) "ط": "الحب".
(٤) رسم الكلمة في الأصل هنا أقرب إلى "اقتراح"، فإن الراء لم تنقط هنا، وكذا في "ب، ك". ولكن قول المؤلف في تفسيره: "لموضع اتصال سرّه به" يؤيد ما أثبتنا هنا وفي أول الفصل. وفي "ف": "إخراج"، خطأ. وفي "ط": "اقتداح".
(٥) "أما" ساقط من "ط".
(٦) "ف": "لا يدري"، تحريف.