للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أثنيتَ على نفسك" (١). ولو شهد العبد (٢) بقلبه صفة واحدة من أوصاف كماله لاستدعت منه المحبّةَ التامّةَ عليها. وهل مع المحبّين محبة إلا من آثار صفات كماله؟ فإنَّهم لم يروه في هذه الدار، وإنَّما وصل إليهم العلم بآثار صفاته وآثار صنعه، فاستدلّوا بما علموه على ما غاب عنهم، وإلا (٣) فلو شاهدوه ورأوا جلاله وكماله وجماله (٤) سبحانه لكان لهم في حبّه شأنٌ آخر.

وإنَّما تفاوتت مراتبهم (٥) في محبته على حسب تفاوت مراتبهم في معرفته والعلم به، فأعرفهم له (٦) أشدّهم حبًّا له. ولهذا كانت رسله صلوات اللَّه وسلامه عليهم أعظمَ الناس حبًّا له، والخليلان من بينهم أعظمهم حبًّا، وأعرف الأمة به أشدّ له حبًّا من غيره (٧).

ولهذا كان المنكرون لحبّه سبحانه من أجهل الخلق به، فإنَّهم منكرون لحقيقة إلهيته، ولملَّة (٨) الخليلين صلَّى اللَّه عليهما وسلَّم، ولفطرة اللَّه التي فطر اللَّه عبادَه عليها. ولو رجعوا إلى قلوبهم لوجدوا حبّه فيها، ووجدوا معتقدهم وبحثهم (٩) يكذّب فِطَرهم. وإنَّما بُعثت الرسل


(١) تقدّم تخريجه في ص (٥٧).
(٢) "العبد" ساقط من "ب, ك، ط".
(٣) "وإلَّا" ساقط من "ك، ط".
(٤) "ب, ك، ط": "جماله وكماله".
(٥) "ط": "منازلهم ومراتبهم". وفي "ك" ضرب على "منازلهم" وليس بعدها واو العطف.
(٦) "ب": "به". "ط": "باللَّه".
(٧) "ك، ط": ". . الأمة أشدهم له حبًّا".
(٨) "ب, ك، ط": "لخلَّة".
(٩) "ط": "معتقدهم نفي محبتهم".